وقد أورد جملة من المحققين ومنهم السيد الأستاذ على هذه الفرضية بعدة مؤاخذات : (١) الأولى ـ ان هذا خلاف ظاهر الأمر التخييري « بصم » أو أعتق مثلا ، فانه ظاهر بحسب عالم الإثبات في انه خطاب واحد وأمر واحد لا أمران مشروطان وهذه المؤاخذة غير متجهة على المحقق الخراسانيّ ( قده ) لأنه انما أراد تصوير فرضية من الواجب التخييري ولم يدع انه كذلك دائما حتى إذا أفيد إثباتا بمثل اللسان المذكور في الإشكال ، وواضح أن طريق استفادة الواجب التخييري في الفقه ليس منحصرا بذلك بل يمكن أن يفترض ان دليل وجوب كل من العدلين منفصل عن الآخر غاية الأمر يفترض عدم الإطلاق لهما لما إذا جاء المكلف بالآخر ، اما لكونه دليلا لبيا لا إطلاق له ، أو لأنه وإن كان لفظيا لكنه لم يكن في مقام البيان من هذه الجهة كي يتم فيه الإطلاق ، واما للعلم من الخارج بعدم وجوبهما معا المستوجب لاستفادة وجوب كل واحد منهما مشروطا بعدم الآخر اما كجمع عرفي بين الدليلين على ما اختاره السيد الأستاذ في مثل ذلك وناقشنا فيه في أبحاث التعادل والتراجيح ، أو لتساقط إطلاق كل منهما في حال الإتيان بالآخر ، فيبقى إطلاق كل منهما في حال ترك الآخر على حاله. إذن فالفرضية المذكورة من الناحية الإثباتية غير متوقفة على اللسان الّذي افترض في المؤاخذة.
والثانية ـ ان الملاكين المتضادين إن فرض حصولهما معا فيما إذا جاء بالعدلين معا بأن كان التضاد بين وجوديهما بنحو متعاقب لا ما إذا جاء بهما دفعة واحدة كان اللازم حينئذ إيجاب الجمع بينهما حفظا لكلا الملاكين التعيينيين ، وإن كانت المضادة موجودة بينهما في مطلق وجودهما في عمود الزمان حتى بنحو التقارن ، لزم منه أن لا يقع امتثال أصلا لو جاء بهما معا وهذا خلاف الضرورة في باب الواجبات التخييرية.
وهذه المؤاخذة واضحة الفساد إذ يمكن ردها على أساس فرضية صاحب الكفاية بأحد تقريبين على الأقل :
الأول ـ أن يقال بأن أحدهما ملاكه موقوف على عدم تقدم الآخر عليه وعدم
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٤ ، ص ٣٣ ـ ٣٩.