بالكسر ـ.
واما الاستحالة الثانية ـ فلأن الأمر بالأهم إذا كان مانعا عن تأثير الأمر بالمهم في فرض عدم وجود الأمر بالمهم فهو غير معقول إذ المانع عن تأثير مقتضى ما لا بد أن يفرض في ظرف وجود ذلك المقتضي ، وإن كان مانعا عن تأثيره في فرض وجوده ففرض وجوده هو فرض وجود موضوعه الّذي هو عدم الأهم وهو ظرف محرومية الأمر بالأهم عن التأثير في نفسه ، لأن الأمر بالمهم بحسب الفرض مرتب على فرض عدم الأهم الّذي يعني عدم تأثير الأمر بالأهم في إيجاد متعلقه في نفسه وعليه فمانعية الأمر بالأهم عن تأثير الأمر بالمهم في هذا الظرف مستحيلة أيضا لأنه خلف ، وهكذا يتبرهن عدم إمكان التمانع بين الأمرين.
البيان الثاني ـ وهو مبني على مسلكنا في تفسير الواجب المشروط الّذي أوضحناه مفصلا في بحث الواجب المشروط من ان الوجوب المشروط والإرادة المشروطة مرجعها لبا إلى إرادة مطلقة متعلقة بالجامع بين الجزاء على تقدير الشرط وعدم الشرط.
فإرادة الماء على تقدير العطش مرجعها إلى إرادة فعلية للجامع بين أن لا يعطش وأن يشرب الماء على تقدير العطش.
فانه بناء على هذا التخريج للواجب المشروط ترتفع شبهة استحالة الترتب في المقام رأسا ، لأن الأمر بالمهم المشروط بترك الأهم يرجع إلى إرادة الجامع بين إتيان المهم على تقدير عدم الأهم أو إتيان الأهم ومن الواضح ان الأمر الجامع بين المهم والأهم ليس مضادا أصلا مع الأمر الأهم وانما التضاد بين الأهم تعيينا والمهم تعيينا كما هو واضح (١).
ثم ان هنا إشكالات قد تورد على إمكان الترتب والمستحق منها للتعرض له اثنان نقتصر عليهما.
الإشكال الأول ـ دعوى ان القول بإمكان الترتب يستلزم تعدد العقاب فيما إذا
__________________
(١) ولكن قد تقدم ان إرادة الجامع تتولد منها إرادة تعيينية بالجزاء على تقدير عدم الشرط فيرجع التضاد بينها وبين إرادة الأهم فلا محيص عن البيان الأولى.