وما قيل : من ان الأمر بالأهم يقتضي هدم عدم الأهم ولا يقتضي هدم المهم على تقدير عدم الأهم. مدفوع : بأنه إن أريد من ذلك ان الأمر بالأهم ليس له اقتضاء لهدم المهم مقيدا بتقدير عدم الأهم بأن يقتضي على تقدير عدم الأهم هدم المهم فهذا صحيح لأن الأمر بالأهم لا يمكن إثباته مقيدا بتقدير عدم الأهم كما تقدم في النقاط السابقة ، إلا أن الالتزام بهذا غير لازم بل المدعى الّذي اعترف به هذا المحقق أيضا ثبوت اقتضاء الأمر بالأهم في حال عدم الأهم لا مقيدا بذلك الحال ـ سواء كان ذلك من باب الإطلاق أو الحفظ الذاتي ـ ومع ثبوته في حال عدم الأهم يكون مقتضيا لهدم المهم في هذا الحال أيضا ، والمفروض ان الأمر بالمهم يقتضي فعل المهم فيه فتقع المطاردة والمنافاة بينهما لا محالة ، وهكذا يتبين انه لا يمكن دفع غائلة المطاردة بين الأمرين بلحاظ المقتضيين ـ بالفتح ـ للأمرين ، وانما النكتة الصحيحة لدفع الغائلة هو عدم المنافاة بين المقتضيين ـ بالكسر ـ للطولية بينهما على ما سوف نشرحه في الجهة القادمة إن شاء الله تعالى.

وأما المقدمة الخامسة ـ فقد مهدت لدفع بعض الإشكالات على الترتب التي تقدم شطر منها في الجهة الثانية ويأتي شطر منها في جهة لاحقة ، ومقتضى سياق هذه المقدمة أن تكون في مقام استخلاص النتيجة من الأبحاث المتقدمة في المقدمات السابقة إلا أنه مع هذا بين فيها مطلب جديد لتعزيز برهان إمكان الترتب وحاصله : ان وجه المنع عن الأمر بالضدين انما هو محذور طلب الجمع بين الضدين وهذا غير حاصل في الأمرين بالضدين بنحو الترتب ، إذ ليس من طلب الجمع بل من الجمع في الطلب ، لأن طلب الجمع انما يلزم لو كان الأمر بالضدين مطلقا أو مقيدا بامتثال الآخر واما إذا كان أحدهما مطلقا والآخر مقيدا بعدم امتثال الآخر فلا يلزم طلب الجمع ، إذ لو فرض محالا إمكان الجمع بين الضدين وإيقاع المكلف لهما معا لم يقعا معا على صفة الوجوب بل كان الأهم هو الواجب والمهم غير واجب لعدم تحقق شرطه وهو ترك الأهم ، وهذا برهان عدم استلزام الأمر بالضدين بنحو الترتب لطلب الجمع بينهما بل استحالة استلزامهما لذلك.

وهذه النكتة الإضافية إن لم ترجع إلى ما أشرنا إليه من الطولية بين الأمرين في

۴۴۲۱