النقطة الأولى ـ ان ثبوت الحكم في تقدير من التقديرات يكون بأحد أنحاء ثلاثة :
١ ـ أن يثبت الحكم بإطلاق الخطاب لذلك التقدير أو التقييد به في نفس الجعل الأول ، وهذا انما يكون في التقسيمات الأولية التي تثبت للموضوع في نفسه وبقطع النّظر عن طرو الحكم عليه ، كتقسيم العالم إلى العادل وغيره ، فيحفظ الحكم في فرض العدالة مثلا بالإطلاق في خطاب أكرم العالم أو بلحاظ تقييده بالعالم العادل ، وهذا صحيح في جميع التقسيمات الأولية ما عدا قسم واحد سوف يأتي الحديث عنه.
٢ ـ أن يثبت الحكم بنتيجة الإطلاق أو الإطلاق الذاتي والملاكي وذلك فيما إذا لم يكن يمكن حفظ الخطاب في تقدير من التقديرات لا بالإطلاق ولا بالتقييد في الجعل الأول بل كان لا بد من جعل آخر به يحفظ الحكم ويسمى ذلك بمتمم الجعل باعتبار كون ملاك الحكم وروحه مطلقا أو مقيدا بذلك التقدير.
وهذا النحو من حفظ الخطاب انما يكون في التقسيمات الثانوية كثبوت الحكم في صورة جهل المكلف بالحكم أو علمه به باعتبار استحالة إثبات الحكم فيها بالجعل الأول ابتداء.
٣ ـ أن يحفظ الحكم في تقدير من التقديرات بذاته لا بالإطلاق والتقييد ولا بنتيجة الإطلاق والتقييد لاستحالة ذلك وهذا انما يكون بالنسبة إلى ثبوت الحكم في حالتي العصيان والامتثال والوجود والعدم لمتعلقه ، فان إطلاق الخطاب أو تقييده بالجعل الأول أو الثاني بنتيجة الإطلاق والتقييد لهذين التقديرين مستحيل ، لأنه لو قيد الحكم بوجوب الإكرام بفرض وجود الإكرام فهو تحصيل للحاصل ـ سواء كان ذلك بالجعل الأول أو الثاني ـ ولو قيد بعدم الإكرام لزم تحصيل الممتنع ـ وهو من طلب الجمع بين النقيضين ـ وكذلك إطلاق الحكم لحالتي وجود المتعلق وعدمه مستحيل أيضا ، إما باعتبار استحالة التقييد إذا استحال الإطلاق على مسالك المحقق النائيني ( قده ) أو باعتبار ان الإطلاق للحالتين يستلزم الجمع بين المحذورين من تحصيل الحاصل وتحصيل الممتنع ، وعليه : فلا يمكن أن يكون الخطاب محفوظا بالإطلاق أو التقييد في هذا الانقسام أعني انقسام متعلقه إلى حالتي الوجود والعدم أو العصيان