فلا امتناع في التكليف بالضدين حتى في عرض واحد فضلا عما إذا قيد أحدهما بعدم وصول وتنجز الآخر. نعم بلحاظ حكم العقل باستحقاق الامتثال لا بد من تقييد أحد الاستحقاقين بعدم الآخر. واما إذا لاحظنا ما يكشف عنه الحكم من الداعي واستظهرنا انه بداعي البعث والتحريك الّذي لا يعقل بالنسبة إلى غير المقدور ـ كالضدين معا ـ فالامتناع مبني على أحد التفسيرين الأول أو الثاني لداعي الانبعاث على ما تقدم ، واما على التفسيرين الثالث أو الرابع بل الخامس أيضا لو فرض عدم كون المكلف منقادا بدرجة يكفي احتمال التكليف لتحريكه فلا مانع من التكليف بالضدين معا مع تقييد المهم بعدم وصول الأهم ، فلا يكون الساقط من إطلاق الأمر بالمهم إلا بمقدار ما إذا فرض تنجز الأهم.
الجهة الثالثة ـ استدل للقول بإمكان الترتب بالنقض بما ثبت في الفقه من عدم سقوط الأمر بالصلاة الرباعية مثلا حتى إذا وجب على المكلف أن يسافر بنذر أو غيره وقد عصى ذلك ، فانه في مثل ذلك اما أن يقال بسقوط الصلاة رأسا أو بثبوت صلاة ثنائية في حقه أو بثبوت صلاة رباعية على تقدير أن لا يسافر؟ والأولان خلاف الضرورة الفقهية ، والثالث هو الترتب إذ معناه انه مكلف بالسفر وهو على حد التكليف بالإزالة الأهم ومكلف على تقدير عدم السفر بالصلاة الحضرية الرباعية على حد التكليف بالصلاة على تقدير عدم الإزالة.
ونظيره فرع آخر وهو ما إذا كان الواجب الإقامة ولكن المكلف سافر فانه لا إشكال فقهيا في وجوب الصلاة الثنائية عليه في السفر على تقدير عدم الإقامة وهو من الترتب.
ونظيره أيضا ما إذا وجب السفر في شهر رمضان فانه إذا لم يسافر لا إشكال فقهيا في عدم سقوط الصوم عنه على تقدير عدم السفر وهو من الترتب أيضا.
ولنا حول هذا النحو من الاستدلال ثلاث تعليقات :
التعليق الأول ـ ان الفروع الفقهية هذه كلها أجنبية عن الترتب ، لأن هناك علاقتين بين الخطابين في موارد الترتب :
الأولى : ان الأمر بالأهم يستدعي ـ بامتثاله ـ رفع موضوع الأمر بالمهم باعتبار ترتبه على عدم الإتيان بالأهم.