إليه فينقاد وبالنسبة إلى من ينقاد بمجرد الظن والاحتمال أن ينقاد حتى لو لم يصل إليه هذه هي الاحتمالات الخمسة في تصوير الداعي من وراء التكليف ، ومن الواضح أن تقييد الأمر بالضد المهم ـ بناء على استحالة الترتب ـ بعدم تنجز الأمر بالضد الآخر الأهم على الاحتمال الأول والثاني لا يجدي في رفع الامتناع ، إذ لو كان التكليف مقيدا بالقدرة من جهة كونه بداعي الانبعاث الفعلي أو على تقدير الانقياد فهو غير معقول بلحاظ الضدين إذ لا يمكن الانبعاث إليهما حتى إذا كان يريد الانقياد بل لا بد من تقييد كل منهما بعدم فعلية الآخر. واما بناء على الاحتمال الثالث والرابع فلا مانع من التكليف بالضد المهم على فرض عدم وصول الأهم ، لأن المولى وإن كان واقعا مريدا للأهم إلا أن إرادته لا تعني أكثر من داعي تحريك المكلف نحو الأهم على تقدير وصوله إليه وانقياده ، ومثل هذا الداعي لا يمنع عن داعي الانبعاث نحو المهم في فرض عدم وصول الأهم إلى المكلف ولا يلزم من وجودهما الانبعاث والتحريك نحو غير المقدور إذ لا يصل الأهم إلا ويرتفع المهم.
واما الاحتمال الخامس ـ فهو يقتضي إمكان الأمر بالمهم في فرض عدم وصول الأهم وكان بحيث لا ينقاد منه المكلف بحسب درجة اهتمامه بالانقياد للمولى ، واما إذا كان انقياده بدرجة بحيث ينقاد من التكليف المحتمل كان الأمر بالمهم مع احتمال الأهم غير ممكن ولو فرض تقييده بعدم تنجزه ، باعتباره مستلزما لوجود داعيين مولويين للانبعاث نحو الضدين وهو غير معقول. وبهذا يتضح الفارق بين المقام بناء على امتناع الترتب وبين موارد التعارض الأخرى ـ كموارد اجتماع الأمر والنهي بناء على الامتناع ـ فانه في تلك الموارد يقيد كل تكليف بعدم الآخر واقعا لا بعدم تنجزه فان الامتناع هنا لك في مركز أسبق من الحكم والتكاليف وهو مركز الملاك ومبادئ الحكم أي الحب والبغض حيث يستحيل ثبوتا اجتماع حب وبغض في موضوع واحد قبل النّظر إلى عالم التنجز وإطاعة العبد ، واما في المقام فباعتبار تعدد موضوع كل من الأمرين فلا امتناع ولا تعارض من ناحية مبادئ الحكم ـ فيما إذا لم يبن علي اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضده ـ واما من جهة نفس الحكم والتكليف بالضدين فلو اقتصرنا على ما يقال من أن الحكم هو مجرد اعتبار لا أكثر