الثانية ـ ان كلا من الأمرين الأهم والمهم يقتضي من المكلف ـ عند فعلية شرط المهم ـ تحركا يعاكس ما يقتضيه الآخر باعتبار التضاد بين المتعلقين فيكون كل منهما مطاردا للآخر.

والعلاقة الأولى من العلاقتين هي المنشأ للقول بإمكان الترتب عند القائلين به حيث انه استوجب توهم عدم التنافر والتعاند بين الخطابين ، والعلاقة الثانية هي المنشأ لتوهم الاستحالة عند القائلين بها ، ومن البديهي ان الأمثلة المذكورة كلها لا تحتوي إلا على العلاقة الأولى من هاتين العلاقتين ، حيث يكون الأمر بالصلاة الرباعية مثلا مترتبا على عدم السفر فيكون الأمر بالسفر مستدعيا بامتثاله رفع الأمر بالصلاة ولكنه لا تضاد بين المتعلقين كي تكون بينهما العلاقة الثانية ، لأن الصلاة الرباعية وإن كانت مقيدة بالحضر وعدم السفر إلا أنه من شرائط الوجوب بحسب الفرض فلا يكون تحت الطلب كي يكون الأمر به مطاردا مع الأمر بالسفر ومقتضيا لتحرك المكلف باتجاه معاكس مع ما يقتضيه الأمر بالسفر كما كان في موارد الترتب ، فكأن سوق هذه النقوض كان نتيجة لملاحظة العلاقة الأولى التي هي مجرد ترتب أحد الأمرين على عصيان الآخر مع أنك عرفت أن هذه العلاقة منشأ القول بالإمكان لا الاستحالة.

التعليق الثاني : ان الضرورة الفقهية في الفروع المذكورة انما تقوم على النتيجة وهي عصيان المكلف بترك الصلاة الرباعية في الفرع الأول والثنائية في الفرع الثاني وترك الصوم في الفرع الثالث ، ولكنها لا تعين كيفية تخريجها وصياغتها ثبوتا وانها على أساس الأمر الترتبي ، وعليه فيكون برهان استحالة الترتب منضما إلى هذه الضرورة الفقهية معينة لصياغة ثبوتية أخرى وهي يمكن تصويرها بأحد وجهين :

الأول : أن يكون هناك أمران عرضيان أحدهما بالسفر والآخر بالجامع بين السفر والصلاة الرباعية في الحضر ـ أو الثنائية في السفر أو الصوم في الحضر ـ فاننا قد تعقلنا في الأبحاث السابقة إمكان وجود أمرين أحدهما بالجامع تخييريا والآخر بالفرد تعيينا فيكون تارك السفر والصلاة معا معاقبا بعقابين لا محالة لتركه مطلوبين

۴۴۲۱