الجزاء ضرورياً بالغير أو كان ممتنعاً فكان الجزاء ممتنعاً بالغير من دون فرق بين ان يكون وجوب الشرط وامتناعه بالغير كما في الإنسان أو بالذات كما يفترضونه في حق الباري تعالى لأن صفاته واجبة بالذات لأنها عين ذاته وضرورة الفعل الناشئة من الإرادة لا تنافي الاختيار بل تؤكده لأن الاختيارية تكون بصدق القضية الشرطية القائلة لو أراد لصلّى مثلاً فإذا ثبت ان الصلاة تصبح ضرورية عند الإرادة فهذا تأكيد للملازمة وتحقيق بتّي لصدق القضية الشرطية وبدون هذه الضرورة تكذب القضية الشرطية وليست مضمونة الصدق وبالجملة الاختيار صادق متى ما صدقت هذه القضية الشرطية كما في حركة يد السليم وغير صادق متى ما لم تصدق القضية الشرطية كما في حركة يد المرتعش وهذا لا ينافي ضرورة الفعل بالإرادة ولا ضرورة الإرادة نفسها وهذا مرجع ما قاله صاحب الكفاية من ان الفعل الاختياري ما يكون صادراً عن الإرادة بمبادئها لا ما يكون صادراً عن إرادة صادرة عن الاختيار وهكذا.

وهذا الكلام الّذي قاله هؤلاء الفلاسفة والحكماء بحسب الحقيقة مبني على ما ذكرناه من التفسير للاختيار وهو انه عبارة عن صدق تلك القضية الشرطية وبعد فرض التسليم بهذا التفسير يتم استدلالهم في المقام وهو ان هذه القضية الشرطية صادقة في جميع موارد الاختيار ولا يضر به الوجوب بالذات أو بالغير.

إلاّ ان الشأن في صحة هذا التفسير لأنه ان كان مجرد اصطلاح للفلاسفة لأجل تغطية المسألة فلا مشاحة معهم في الاصطلاح وان كان مرجعه إلى تشخيص معنى الاختيار لغة وان واضع اللغة هكذا وضع لفظة الاختيار فائضاً لا كلام لنا معهم إذ ليس بحثنا لغوياً لنرى ان الواضع لأي معنى وضع لفظ الاختيار واما ان كان المنظور الاستطراق إلى التكليف والحساب وتوضيح الفارق بين حركة أمعاء الإنسان وحركة أصابعه الّذي جعل الإنسان يحاسب على الثانية دون الأولى ( سواء فرضنا ان لكلمة الاختيار معنى في اللغة أولا ) ، فحينئذ نقول تارة نتكلم على ما هو الحق من التسليم بالحسن والقبح العقليين وأخرى نتكلم بناء على إنكار ذلك كما أنكره الأشاعرة صريحاً وأنكره الفلاسفة بشكل مستور حيث أرجعوا الحسن والقبح العقليين إلى الأمور العقلائية والقضايا المشهورة :

۴۴۲۱