وفيه : ان برهان اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة لم يكن يقتضي الاختصاص بالمقدمة التي يستحيل ان تنفك عن ذيها بمعناه المعقولي الفلسفي ، إذ لا موجب لأخذ ذلك قيدا فيه وانما تمام النكتة والملاك لإيجاب المقدمة ضمان حصول ذي المقدمة بحسب عالم الأفعال الاختيارية الّذي هو عالم التكاليف لا عالم الأفعال الطبيعة القسرية الّذي هو عالم الوجوب والامتناع ، ومن الواضح ان مجموع المقدمات بما فيها الإرادة الكاملة الواجدة لمقتضياتها الفاقدة لمزاحماتها في عالم الأفعال الاختيارية هو الّذي يضمن معه حصول ذي المقدمة ، لأن هذا هو الطريق الّذي لا ينفك عن ذي المقدمة بالمعنى المناسب مع باب السلطنة والاختيار فأن العاقل إذا تمت عنده كل ذلك حقق المراد لا محالة.
الاعتراض الرابع : ان الأمر بالإرادة غير معقول باعتبارها المقتضي المباشر لإيجاب ذي المقدمة ، لما هو ثابت في محله من ان الأمر بشيء يقتضي قدح الداعي والإرادة في نفس المكلف نحو الفعل فكيف يكون ذلك مأمورا به بالأمر الغيري فانه أشبه بتحصيل الحاصل أو بالطلب التشريعي لما هو المقتضى التكويني للأمر. وفيه : ما تقدم من ان الأمر الغيري ليس بداعي المحركية والتحصيل كي يشكل عليه بإشكال تحصيل الحاصل ونحوه ، وانما هو امر تبعي قهري ، ولو فرض انه من أجل المحركية فلا وجه لتخصيص الإشكال بالإرادة خاصة من اجزاء المقدمة بل سائر اجزائها أيضا تكون إرادتها مقتضى ولو غير مباشر للوجوب النفسيّ. والجواب عليها جميعا بأنه لا محذور في ان يكون فعل واحد مستدعى من قبل أكثر من طلب.
الاعتراض الخامس : ان الأمر بشيء انما هو لقدح الإرادة في نفس العبد نحوه فالامر بالمقدمة الموصلة لا بد وأن يكون لقدح إرادتها فإذا كان منها الإرادة لزم ان يكون الأمر الغيري لقدح إرادة الإرادة مع ان إرادة الإرادة لا تكون من مقدمات حصول الواجب خارجا بل يتحقق الواجب من دونها دائما أو غالبا فكيف يكون مطلوبا ولو غيريا.
وفيه : مضافا إلى ما تقدم من عدم كون الأمر الغيري لقدح الإرادة نحو الواجب الغيري ، ان هذا من الخلط بين المطلوب التشريعي للمولى والمطلوب التكويني له ،