فان الإرادة التي تنقدح بالأمر مراد تكويني للمولى يحصله بنفس امره فهو فعله بالتسبيب ـ في حق المطيع ـ ومن مقدمات التحصيل المولوي وليس هو من مقدمات حصول ذلك الواجب ، كي يكون مطلوبا تشريعيا له ، وحينئذ لو فرض ان تحصيل المطلوب التشريعي في مورد غير متوقف على إرادته ـ كما في الأمر الغيري بالإرادة ـ لم تكن إرادته مطلوبة للمولى لا تشريعا ولا تكوينا.
ثم ان صاحب الفصول الّذي ينسب إليه تاريخيا القول بالمقدمة الموصلة قد استدل على مدعاه بوجوه عديدة نذكر فيما يلي بعضها :
الأول : ان الوجودان قاض باختصاص الطلب الغيري بالمقدمة الموصلة وان الحصة غير الموصلة ليست محبوبة ولا شوق نحوها أصلا.
وهذا الوجدان وان كنا نوافق عليه الا انه لا يكون برهانا صالحا لإلزام الخصم ، ومن الطريف استدلال القائل بالإطلاق على قوله بالوجدان أيضا.
الثاني : ما ذكره من إمكان تصريح الآمر بعدم مطلوبية الحصة غير الموصلة مع مطلوبية ذي المقدمة مع انه لو كانت واجبة على الإطلاق لما صح ذلك كما لا يصح التصريح بعدم مطلوبية المقدمة مطلقا أو عدم مطلوبية الحصة الموصلة منها.
وهذا الوجه كالوجه الأول استدلال بالوجدان بل عينه غايته انه دعوى الوجدان بلحاظ عالم الإثبات وذاك دعوى الوجدان بلحاظ عالم الثبوت فلا يجدي في مقام إلزام المنكر خصوصا إذا كان يدعي الوجدان على الخلاف.
الثالث : ما نسب إلى صاحب العروة ( قده ) ، من صحة منع المولى عن الحصة غير الموصلة من المقدمة وتشريع حرمتها إذا كانت غير موصلة ، مع انه لو كانت واجبة مطلقا لامتنع ذلك.
وفيه : انه لا يكون برهانا على الاختصاص بالموصلة وانما هو دليل الاختصاص بغير المحرمة منها ولهذا لا تكون المحرمة واجبة مع وجود المباحة حتى لو كانت موصلة.
نعم يمكن ان يجعل ذلك نقضا على القائل باستحالة اختصاص الوجوب بالموصلة ، حيث يقال : ان التعميم خلاف التحريم والتخصيص يلزم منه المحاذير المذكورة.