العقل المترتب على طلب المولى (١).
ويرد عليه : أولا ـ ان موضوع حكم العقل بلزوم الامتثال لا يكفي فيه مجرد صدور الطلب مع عدم اقترانه بالترخيص لوضوح ان المكلف إذا اطلع بدون ترخيص من قبل المولى على ان طلبه نشأ من ملاك غير لزومي ولا يؤذي المولى فواته لم يحكم العقل بلزوم الامتثال وهذا يعني ان الوجوب العقلي فرع مرتبة معينة في ملاك الطلب وهذه المرتبة لا كاشف عنها الا الدليل اللفظي فلا بد من أخذها في مدلول اللفظ لكي ينقح بذلك موضوع الوجوب العقلي وهو معنى كون الدلالة لفظية.
وثانيا ـ ان الالتزام بهذا المبنى تترتب عليه آثار لا يمكن الالتزام بها فقهيا ، وتكون منهجا جديدا في الفقه وفيما يلي نذكر بعض ما يمكن ان ينقض به على هذا المسلك مما لا يلتزم به حتى أصحاب هذا المسلك أنفسهم :
منها ـ لزوم رفع اليد عن دلالة الأمر على الوجوب فيما إذا اقترن بأمر عام يدل على الإباحة والترخيص كما إذا ورد أكرم الفقيه ولا بأس بترك إكرام العالم. وتوضيحه : ان بناء الفقهاء والارتكاز العرفي على تخصيص العام في مثل ذلك والالتزام بوجوب إكرام الفقيه واعتباره من التعارض غير المستقر بينما على هذا المسلك لا تعارض أصلا ولو بنحو غير مستقر بين الأمر والعام ليقدم الأمر بالأخصية لأن الأمر لا يتكفل الا أصل الطلب وهو لا ينافي الترخيص في الترك ، بل المتعين على هذا المسلك ان يكون العام رافعا لموضوع حكم العقل بالوجوب لأن حكم العقل معلق على عدم ورود الترخيص من المولى كما ذكر في شرح هذا المسلك. ودعوى ان موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال هو الطلب الّذي لو كان دالا لفظا على الوجوب لما قدم عليه الترخيص ، تحكم واضح.
ومنها ـ انه لو صدر امر ولم يقترن بترخيص متصل ولكن احتملنا وجود ترخيص منفصل فالبناء الفقهي والعقلائي على استفادة الوجوب من الأمر حتى يثبت خلافه مع ان هذا مما لا يمكن إثباته على هذا المسلك لأنه قد فرض فيه ان العقل انما يحكم
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٩٥ ـ ٩٦.