عدمها وان كان خارجا عن محل البحث الا ان صورة وجودها لا تعني فعلية الإرادة كما أفيد.
وربما يطور هذا البيان الوجداني إلى دعوى : ان فرض عدم الإرادة نهائيا خارج عن محل البحث ، فلا بد من فرض وجود إرادة في الجملة. وحينئذ يقال : هل ان هذه الإرادة في باب الإرادات المشروطة فعلية قبل تحقق الشرط أم ليست فعلية؟ فان فرض انها فعلية فلا بد من رجوع القيد فيها إلى المراد لا محالة وهو المطلوب ، وان فرض انها ليست فعلية فهذا خلاف الوجدان القاضي بوجود فرق قبل تحقق الشرط ـ كالإنسان قبل مرضه ـ بين من يريد شرب الدواء على تقدير المرض ومن لا يريده ، فهذا يدل على فعلية الإرادة قبل الشرط أيضا.
والجواب : ان إشباع هذا الوجدان لا ينحصر وجهه برجوع القيد إلى المراد لا نفس الإرادة على ما سوف يأتي توضيحه.
ثانيهما ـ الدليل البرهاني ـ ان نفس تصدي المولى وتحركه نحو طلب الفعل من العبد بنحو الواجب المشروط قبل تحقق الشرط برهان على فعلية الإرادة في نفس المولى ، لأن تشريع الإيجاب مقدمة بحسب الحقيقة وتصد من المولى لإيجاد المراد خارجا ، ولا يمكن ان تترشح الإرادة نحو المقدمات الا بعد فرض فعلية الإرادة.
والجواب : ما ذكرنا من ان وجه هذا لا ينحصر فيما ذكر من رجوع الشرط إلى المراد بل يمكن تفسيره على أسس أخرى أيضا ، من قبيل كونه من المقدمات المفوتة.
وهكذا يتضح : ان هذه النظرية لا تمتلك دليلا يبررها لا وجدانا ولا برهانا ، بل هناك برهان على خلافها.
وحاصله : ان فعلية الإرادة نحو المقيد تقتضي فعلية الشوق والإرادة نحو قيده لا محالة ، وما ذكر من ان القيد مما يحصل من نفسه واتفاقا لا من ناحية إلزام المولى وإرادته انما يصحح عدم إلزام المولى لعبده لا عدم شوقه وإرادته لذلك القيد ، اللهم الا ان يؤخذ القيد خصوص ما لا يشتاق إليه المولى بالشوق الغيري التبعي وهذه شرطية مستحيلة في نفسها ، لأنها تعني التفكيك بين الاشتياق إلى شيء والاشتياق إلى مقدمته.
النظرية الثانية ـ ما يظهر من كلمات المحقق العراقي ( قده ) من ان الإرادة المشروطة