مشروطا بتحقق شيء آخر ، كالحاجة إلى شرب الماء المشروط بالعطش ، والنار بالبرد.
واما بلحاظ المرحلة الثانية ، وهي مرحلة الشوق والإرادة ، فبعد الفراغ عن أصل وجود إرادة وشوق مشروط بشيء كإرادة الدواء مشروطا بالمرض ، يقع البحث في كيفية تخريج وتفسير هذه الإرادة. وهنا نظريات عديدة.
النظرية الأولى ـ وهي المنسوبة إلى تقريرات الشيخ الأعظم ( قده ) ويظهر من المحقق الخراسانيّ والسيد الأستاذ متابعته عليها (١). من ان الإرادة المشروطة كالإرادة غير المشروطة كلتاهما إرادة فعلية موجودة في أفق نفس المريد بالفعل ، فلا فرق بينهما من حيث نفس الإرادة وانما الفرق من حيث المتعلق فالإرادة المطلقة لا قيد في متعلقها بينما المشروطة يكون متعلقها مقيدا ، فالقيد راجع إلى المراد لا الإرادة ، والإنسان يريد شرب الدواء المقيد بحالة المرض الا أن هذا القيد قد أخذ على نحو لا تسري الإرادة من المقيد إليه ، كما إذا أخذ وجوده الاتفاقي وفي نفسه قيدا ومعه لا يعقل سريان الإلزام إليه من قبل الإرادة ، وهكذا ترجع هذه النظرية الشرط في الإرادة المشروطة إلى المراد.
ورغم ان هذا خلاف الوجدان القاضي بعدم رجوع القيد إلى المراد ، وان الفرق بين الإرادتين المشروطة والمطلقة في نفسيهما ، الا ان ما دعى جملة من المحققين إلى اختيار هذه النظرية على ما يظهر من كلماتهم في المقام أحد دليلين.
أحدهما ـ الدليل الوجداني من ان المولى إذا التفت إلى نفسه بالنسبة لشيء ما فاما ان يريده أو لا يريده ، فان لم يرده خرج عن محل البحث ، فانا نتكلم في ما يريده المولى ، وان اراده فقد افترضنا منذ البدء ان الإرادة قد وجدت فكيف يفترض فيها انها معلقة على وجود شيء آخر؟.
وهذا المقدار من البيان واضح الاندفاع ، لأنه ان أريد من الإرادة الإرادة المطلقة وغير المنوطة فافتراض كون صورة عدم الإرادة خارجة عن محل البحث أول الكلام ، بل البحث يكون في هذه الصورة لنرى انه عند عدم الإرادة المطلقة هل يتعلق إرادة منوطة ومقيدة أم لا ، وان أريد من الإرادة ما يشمل الإرادة المنوطة والمقيدة فصورة
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٣٢٥.