بني عليه بعد فناء البناء ، ولو بحافظية الجاذبية وتماسك اجزاء البناء وانما الإشكال في المقام من ناحية الشرط المتأخر. فيظهر بهذا البيان ان ما هو الشرط بحسب الحقيقة ليس متأخرا ، وهذا إذا صح في الأمور التكوينية فليكن الأمر التعبدي المولوي بالصوم مع اشتراط الغسل في الليل من هذا الباب.
واما المقام الثالث ـ أي الشرط المتقدم الّذي استشكل فيه صاحب الكفاية ، فقد ذكر ان حاله حال الشرط المتأخر ، فان العلة بتمام اجزائها يجب ان تكون مقارنة مع المعلول لا متأخرة ولا متقدمة عليه فلو تقدم بعض اجزاء العلة ثم أثر بعد انقضائه كان معنى ذلك تأثير المعدوم في الموجود (١).
أقول : ان حل المطلب ما عرفته من انه إذا تكلمنا بلحاظ ذات الواجب فالشرط يكون بمعنى التحصيص ، وإذا تكلمنا بلحاظ الملاك فهناك حلقة مفقودة توجد بالشرط وتبقى لكي تكمل عند اقترانه بالواجب.
ثم ان الأصحاب لم يستشكل منهم أحد في الشرط المتقدم حتى من استشكل في الشرط المتأخر ، فكأنهم وجدانا يجدون فرقا بينهما مع ان إشكال المحقق الخراسانيّ ( قده ) برهان متين ، فان العلة بتمام اجزائها كما لا يمكن تأخرها عن المعلول كذلك لا يمكن تقدمها عليه ، ولهذا تصدى المحقق الأصفهاني (ره) والسيد الأستاذ للجمع بين هذا الوجدان وذلك البرهان بدعوى : أن الشرط قد يكون مقدمة إعدادية وهي لا يستحيل تقدمها على المعلول زمانا (٢). وقد أوضح ذلك المحقق الأصفهاني : بان الشرط إذا كان متمما لفاعلية الفاعل أو قابلية القابل فلا بد وان يكون مقارنا مع المعلول ، واما إذا كان معدا بمعنى مقربا للشيء من الامتناع نحو الإمكان حتى إذا تحققت علته صار موجودا ، كمن يريد الجلوس على الكرسي فيتقدم بخطوات نحوه لكي يتمكن من الجلوس عليه ، فان هذه الخطوات يمكن أن تكون متقدمة على المعول وهو الجلوس على الكرسي ، لأنها غير دخيلة لا في قابلية القابل ولا في فاعلية الفاعل (٣).
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ١٤٥.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
(٣) نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٧٠.