وهذا الكلام رغم اشتهاره لا يرجع إلى محصل عندنا ، لأنه إذا أريد بتقريب الشيء من الامتناع إلى الإمكان تقريب الشيء الممتنع بالذات كاجتماع النقيضين إلى الإمكان فهذا خلف كونه ممتنعا بالذات ، وان أريد تقريبه من الامتناع بالغير أي الامتناع بعدم علته فهذا لا يعقل الا بتقريبه إلى علته بان يكون شرطا دخيلا في وجوده ، فبوجوده يقترب الشيء إلى الإمكان الّذي هو في مقابل الامتناع بعدم العلة ، وحينئذ يقال بأنه كيف يكون دخيلا في وجوده وهو متقدم أو متأخر عنه في الوجود؟ وان أريد به ما يسمونه بالإمكان الاستعدادي فيقال مثلا ان البيضة يمكن ان تصبح فرخ دجاجة لكن ذلك بحاجة إلى استعداد خاص في البيضة ، وهذا الإمكان والاستعداد والتهيؤ يوفر في البيضة من خلال إعطائها درجة من الحرارة والدفئ مثلا ، ففيما نحن فيه يفترض ان الشرط المتقدم يعطي للشيء الإمكان الاستعدادي لإيجاد المصلحة خارجا إن أريد هذا المعنى ـ قلنا : ان هذا الاستعداد والتهيؤ ان فرض امرا اعتباريا فمن الواضح ان الأمر الاعتباري لا يمكن ان يكون دخيلا حقيقة في إيجاد شيء في الخارج وهو المصلحة ، وان فرض امرا حقيقيا وحالة خارجية تنشأ في البيضة مثلا وتبقى إلى ان تأتي سائر اجزاء العلة فهذا في الحقيقة شرط مقارن ويرجع إلى الشيء الّذي ذكرناه في تفسير هذا النوع من الشرائط التي سميت عندهم بالإمكان الاستعدادي ولا مشاحة في التسمية.
١٨٥