لم تكن الأمارة متعلقة بما يخالف الواقع ، فلا يمكن ان يوجب ذلك انقلاب الأمر التعييني إلى الأمر التخييري بالجامع ، فان الشيء يستحيل ان ينفي علته ويلزم من وجوده عدمه.
ويرد عليه : أولا ـ النقض : بان الوصول إلى هذه النتيجة المستحيلة وهي لزوم نفي الشيء لعلته وبالتالي لنفسه كان لمجموع أمرين : أحدهما ـ افتراض تولد ملاك في الجامع من الأمر التعييني ـ بالواقع ، والآخر ـ افتراض انه إذا صار الملاك في الجامع لا محالة ينتفي الأمر التعييني بالواقع ويتبدل إلى الأمر التخييري بالجامع ، فلما ذا يكون فساد النتيجة برهانا على بطلان الثاني فليكن برهانا على بطلان الأمر الأول.
وثانيا ـ الحل : بأن كون الملاك في الجامع ليس منوطا بتعلق الأمر التعييني بالواقع ، وانما إمكانية الإتيان بالفرد الثاني من هذا الجامع خارجا وهو العمل بمؤدى أمارة مخالفة للواقع هو المتوقف على تعلق الأمر التعييني بالواقع.
وهكذا يتلخص من كل ما ذكرناه : ان الاجزاء والتصويب في الحكم الظاهري متلازمان ، ففي الاحتمالين الأولين يثبت الاجزاء والتصويب معا وفي ما بعدهما من الاحتمالات الأربعة لا تصويب ولا اجزاء ، والاحتمال السابع في نفسه لم يكن معقولا.
الا ان هذه الملازمة بين الاجزاء والتصويب بناء على السببية انما هو في الاجزاء على أساس الاستيفاء ، واما الاجزاء بملاك التعذر وعدم إمكان التدارك فبالإمكان ثبوتا تحققه من دون تصويب ، وذلك كما إذا فرضنا ان الحكم الظاهري يتضمن مصلحة مضادة مع مصلحة الواقع بحيث لا يمكن تحصيلهما معا ، فمع تحصيل إحداهما تتعذر الأخرى من دون ان يلزم التصويب والأمر بالجامع بينهما ، لأن المصلحة الواقعية تعينية.
لا يقال ـ إذا فرض ان مصلحة الحكم الظاهري مساوية مع مصلحة الحكم الواقعي في الأهمية انقلب الأمر التعيني بالواقع إلى التخيير بينهما بعد عدم إمكان الجمع ، إذ لا ترجيح لإحداهما على الأخرى وهو التصويب ، وإذا فرض انها أقل من مصلحة الواقع بمرتبة لزومية فلا معنى للأمر الظاهري ، لأنه مفوت للواقع الأهم.