المؤدى مشتمل على الملاك المطلوب الا انه في هذا العنوان الثانوي لا في المؤدى بعنوانه الأولي ، وهذا يوجب الاجزاء لحصول الغرض (١). ولا يوجب التصويب وتبدل الأمر الواقعي التعييني بالواقع إلى الأمر بالجامع بينه وبين مؤدى الأمارة المخالفة بما هو مؤدى أمارة مخالفة ، لاستحالة ذلك (٢). ، ويمكن بيان هذه الاستحالة بأحد وجوه ثلاثة.
الأول ـ ان الأمر بالجامع يستحيل جعله لأنه يستحيل وصوله إلى المكلف ، إذ لو لم يعلم المكلف بان الأمارة مخالفة للواقع لم يعلم بتوجه الأمر بالجامع إليه ، لأنه معلق على أداء الأمارة إلى خلاف الواقع ، ولو علم بأنها مخالفة للواقع سقطت عن الحجية.
وفيه : بالإمكان فرض الأمر التخييري بالجامع مع أخذ قيد الأمارة المخالفة في أحد شقي الواجب التخييري لا الوجوب ، فالوجوب من أول الأمر مطلق ثابت في حق كل أحد وليس مقيدا بقيام أمارة مخالفة للواقع ، ومن قامت عنده الأمارة يعلم بأنه يمتثل هذا الجامع ضمن أحد شقيه على كل حال.
الثاني ـ ان الجامع بين الواقع ومؤدى أمارة مخالفة للواقع ليس له تقرر لو لا الأمر التعييني بالواقع ، إذ لو كان الأمر الواقعي تخييريا لم تكن الأمارة متعلقة بما يخالف الواقع ، فيكون الجامع غير معقول وفيه : ان الجامع له تقرر وثبوت بقطع النّظر عن الأمر التعييني بالواقع ، إذ من الواضح اننا يمكننا ان نتصور مفهوم الجامع بين الواقع ومؤدى أمارة تعلقت بخلاف الواقع ، سواء تعلق امر تعييني بالواقع أم لا ، نعم تحقق أحد فردي هذا الجامع خارجا ـ وهو الإتيان بمؤدى أمارة مخالفة للواقع ـ موقوف على تعلق امر تعيني بالواقع ، إذ لو لا ذلك لما أمكن تحقيق عمل يكون مؤدى أمارة مخالفة للواقع ، وهذا يعني ان الأمر والإرادة التعينية بالواقع انما يجعله المولى ليتمكن العبد من الفرد الثاني للجامع الّذي فيه الملاك ، وقد حققنا في محله ان الإرادة يستحيل ان تنبثق من مصلحة مترتبة على نفسها لا في متعلقها ، فهذا التصوير للسببية بنفسه مستحيل من هذه الجهة.
الثالث ـ ان تحقق الملاك في الجامع منوط بتعلق الأمر بالواقع تعيينا ، إذ لو لا ذلك
__________________
(١) نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٢) نفس المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١٥٥.