السلام ، من دون فرق بين ذات المحرم وغيرها. وحيث إنّ الحكم في ذات المحرم مقطوع العدم ، لقيام السيرة القطعية على الجواز ، فلا بدّ من تقييد إطلاقهما من هذه الجهة وتخصيص الحكم بغير ذات المحرم ، فيكون ظاهرهما حرمة ذلك بالنسبة إليهن. ولكن لا بدّ من رفع اليد عن هذا الظاهر أيضاً ، لما ورد صريحاً من أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام عليّاً عليه‌السلام كانا يبدآن النساء بالسلام.

ففي صحيحة ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسلّم على النساء ويرددن عليه ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يسلّم على النساء ، وكان يكره أن يسلّم على الشابّة ، ويقول : أتخوّف أن يعجبني صوتها ، فيدخل عليَّ أكثر مما طلبت من الأجر» (١).

فإنّ هذه الصحيحة تدلّ على أنّ سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام عليه‌السلام كانت على ابتدائهن بالسلام ، خصوصاً إنّ ملاحظة قوله عليه‌السلام : «فيدخل عليَّ أكثر مما طلبت من الأجر» تكشف عن استحباب ابتدائهن بالسلام وإن ذلك مما فيه الأجر ، كما لا يخفى.

والجواب عن ذلك بأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبٌ للأُمّة جمعاء ، كما يظهر من قوله تعالى ﴿وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ (٢) ولذلك حرم التزوّج بهنّ بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا تبقى في الرواية دلالة على جواز ابتداء الأجنبية بالسلام ، إنّما يتمّ في خصوص ما روي من فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيبقى فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام حجة على الجواز بل الاستحباب على ما عرفت.

وعلى هذا فيتحصل مما تقدم أنّ ابتداء المرأة بالسلام كابتداء الرجل به ، أمر مستحب ومرغوب شرعاً من دون تقييد بالمحارم أو غيرها. نعم ، في خصوص السلام على الشابّة إذا خاف الرجل أن يعجبه صوتها يلتزم بالكراهة ، لما تقدّم.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٣١ ح ٣.

(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦.

۳۸۸