دلّت صحيحة أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال : «إنّ أهل الكتاب مماليك للإمام» الحديث (١) على ذلك ، إلّا أنّه لا ينسجم مع تعبيره قدسسره بأنّهن بمنزلة الإماء ، فإنّه لو كان مراده هو ذلك لكان عليه أن يقول لأنّهنّ إماء لا أنّهنّ بمنزلة الإماء.
بل الظاهر أنّ مراده قدسسره والله العالم هو كونهنّ بمنزلة الإماء في عدم الحرمة لهنّ ، إذ الأَمة تختلف عن الحرّة في هذه الجهة ، فإن الحرة لها حرمة فلا يجوز النظر إليها بخلاف الإماء ، فإنه يجوز النظر إلى شعورهنّ ووجوههنّ وأيديهنّ ، فتكون نساء أهل الذمّة بمنزلة الإماء في هذه الجهة.
ولعلّه قدسسره يشير بذلك إلى معتبرة السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهنّ وأيديهنّ» (٢).
وعلى كلّ فهذا القول هو المتعيّن ، فإنّ أهل الذمة ليسوا بمماليك كما دلت عليه صحيحة أبي بصير وإنما هم أحرار ، ولا بدّ من حمل الصحيحة على نوع من العناية والتسامح ، إذ الالتزام بمضمونها ينافي جملة من الأحكام الثابتة لهم كالدية إذا قتل أحدهم فإنها تدفع إلى أقربائه في حين أنّه لو كان مملوكاً لما كان وجه لثبوت الدية بل المتعيّن هو دفع القيمة لا إلى أقربائه وإنما إلى مالكه كما هو واضح والإرث فإنّهم يرثون بعضهم بعضاً إذا لم يكن في الورثة مسلم يحجب الباقين ، والحال أنّ المملوك لا يرث ولا يورث.
فإن هذه الأحكام وما شابهها تدلنا على وجود نوع من العناية في إطلاق المملوك عليهم ، وإلّا فهم ليسوا بعبيد بل هم أحرار ، غاية الأمر أنّه لا حرمة لنسائهم فيجوز النظر إليهنّ ، لمعتبرة السكوني ، وصحيحة عباد بن صهيب الدالة على جواز النظر إلى نساء أهل البادية ، فإنّ التعليل المذكور فيها من «أنّهم إذا نهوا لا ينتهون» (٣)
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ، ب ٢ ح ٢.
(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١١٢ ح ١.
(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١١٣ ح ١.