أمّا المقام الأوّل : فلا ينبغي الشكّ في كون مقتضاها هو التداخل.

والوجه في ذلك واضح ، فإنّ النصوص المتضافرة قد دلت على لزوم الاعتداد من الطلاق والوفاة ووطء الشبهة والفسخ ، كما دلّت هاتيك النصوص على أنّ مبدأ العدّة إنّما هو في غير الوفاة من حين وقوع السبب ، وأما فيها فإنّما هو من حين بلوغها الخبر ، وهذا واضح ولا خلاف فيه. وعلى هذا فلو اجتمع سببان للعدّة في زمان واحد كان القول بالتداخل مما لا بدّ منه ، نظراً لعدم قابلية الزمان الواحد لاجتماعهما فيه ، فإن الزمان الواحد لا يقبل إلّا عدّة واحدة. ومن هنا فحيث إنّ جعل مبدإ إحدى العدّتين وزمانها متأخراً عن زمان الأُخرى يحتاج إلى الدليل وهو مفقود ، فلا مناص من الالتزام بالتداخل.

وليس هذا الذي ذكرناه في المقام منافياً لما ذكرناه في المباحث الأُصولية من كون التداخل على خلاف الأصل ومحتاجاً إلى الدليل ، فإنّه إنّما هو في الموارد القابلة للتعدّد ، فلا يشمل مثل المقام حيث لا قابلية للزمان لوقوع العدّتين فيه.

وأمّا المقام الثاني : فالروايات الواردة فيه على طوائف ثلاث :

الطائفة الأُولى : ما دلّت على التداخل مطلقاً ، وهي عبارة عن روايتين معتبرتين :

أُولاهما : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدّتها ، قال : «يفرّق بينهما وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً» (١).

ثانيتهما : معتبرة أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام في المرأة تزوج في عدّتها ، قال : «يفرّق بينهما ، وتعتد عدّة واحدة منهما جميعاً» (٢).

وأما الطائفة الثانية : فهي ما دلّت على عدم التداخل مطلقاً ، وأنّه لا بدّ من الاعتداد ثانية بعد انقضاء عدتها الاولى ، وهي أيضاً روايتان معتبرتان :

الأُولى : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدّتها ، قال : «إن كان دخل بها فرّق بينهما ولن تحلّ له أبداً وأتمّت عدّتها من الأوّل وعدّة اخرى من الآخر» ، الحديث (٣).

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ١١.

(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ١٢.

(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٩.

۳۸۸