إذا كانا عالمين بالحكم والموضوع (١) أو كان أحدهما


ومع التنزّل عن ذلك يكفينا في إثبات هذا الحكم أعني كون الموجب للحرمة أحد أمرين : الدخول ، أو العلم صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إذا تزوج الرجل المرأة في عدّتها ودخل بها لم تحلّ له أبداً عالماً كان أو جاهلاً ، وإن لم يدخل بها حلّت للجاهل ولم تحلّ للآخر» (١).

فإنّها كما تراها صريحة الدلالة في أنّه يكفي في الحرمة أحد أمرين : الدخول بها ولو كان جاهلاً ، والعلم ولو مع عدم الدخول. فتكون هذه الصحيحة وجه جمع بين جميع الأخبار المتقدمة ، فإنّه بها تنحلّ مشكلة التعارض ، وبالنتيجة يتحصل منها أنّ الموجب للتحريم المؤبد إنّما هو أحد أمرين : الدخول ، أو العلم.

(١) والوجه فيه أنّ المذكور في الأخبار المتقدمة وإن كان العلم بالعدة والذي يعبّر عنه بالعلم بالموضوع إلّا أنّ الظاهر أنّ العلم بالحكم لا ينفصل عنه إلّا نادراً كموارد الغفلة ، وذلك لما تقدم من أنّ المفهوم العرفي للعدة إنّما هو عدّ أيام معينة وعدم جواز التزوج فيها ، فمن هنا لا ينفك العلم بكونها معتدة عن العلم بأنّه لا يجوز التزوج منها.

على أنّه قد ورد التصريح بالتعميم في صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدّتها بجهالة ، أهي ممن لا تحلّ له أبداً؟ فقال : «لا ، أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدّتها وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك». فقلت : بأي الجهالتين يعذر بجهالته أنّ ذلك محرم عليه ، أم بجهالته أنّها في عدّة؟ فقال : «إحدى الجهالتين أهون من الأُخرى ، الجهالة بأنّ الله حرم ذلك عليه وذلك بأنّه لا يقدر على الاحتياط معها». فقلت : وهو في الأُخرى معذور؟ قال : «نعم ، إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوّجها». فقلت : فإن كان أحدهما متعمداً والآخر بجهل؟ فقال : «الذي تعمد لا يحلّ له أن يرجع إلى صاحبه أبداً» (٢).

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٣.

(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٤.

۳۸۸