محمولا على التنزل ، وهو مما لا دليل عليه ، إذ يمكن ان تكون في نظر العقلاء أثرا أعم للعلم لا مساو. وقد عرفت ان انتزاع التنزيل انما يكون من ترتيب الآثار المختصة بشيء على آخر ، فترتيب وجوب الإكرام على زيد مع ترتيبه أولا على بكر لا يعد تنزيلا لزيد منزلة بكر كما لا يخفى.
إلاّ ان يقرّب هذا الوجه : بان العقلاء في مقام عملهم لا يعتنون باحتمال الخلاف الموجود عند قيام الأمارة وينزلونه منزلة العدم ، والمفروض ان الشارع أمضى السيرة العقلائية.
وفيه : انه لو تم ، فهو لا يتكفل إلاّ تنزيل الأمارة منزلة العلم في مقام المنجزية والمعذرية ، إذ المنظور في عمل العقلاء ذلك دون التعبد الاستصحابي ونحوه ..
وإذا لم يصلح أي دليل على إثبات تكفل دليل الأمارة نفي احتمال الخلاف ، فلا سند حينئذ لدعوى الحكومة.
ثم انه لو لم تثبت دعوى الورود والحكومة فلا مناص عن القول بتخصيص دليلها لدليله ، لأن أغلب مواردها لو لم تكن كلها من موارد الاستصحاب ، فيلزم من العمل بدليل الاستصحاب وطرح دليل الأمارة عدم العمل بها أصلا أو إلا نادرا ، وهو لا يصحح الاعتبار بل يستلزم لغويته.
تذييل (١) : لا يخفى أنه مع الالتزام بالورود بالتقريب الّذي ذكرناه ، فانما يلتزم به في صورة قيام الأمارة على الخلاف ، اما مع قيامها على طبق الحالة السابقة فلا يتحقق الورود ، لأنا قد قربنا الورود بان المراد بالشك المأخوذ في موضوع الاستصحاب هو عدم الحجة ، وقيدناه بان يكون على الخلاف ـ بقرينة النهي عن النقض به الظاهر في كونه على خلاف الحالة السابقة بحيث يصدق
__________________
(١) لم يتعرض له السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ في الدورة الثانية. ( منه عفي عنه ).