يجعل العدم الظاهري للتكليف الواقعي ، كسائر الأحكام الظاهرية المجعولة بلسان الواقع ـ ، وهو غير صحيح أيضا ، لأن التكليف الواقعي ان لم يكن له ثبوت كفى عدمه في ترتب الآثار بلا حاجة إلى جعل عدمه في مرحلة الظاهر. وان كان له ثبوت فاما ان لا يترتب عليه أثر عقلي وجودي في مقام الشك ، بحيث يحكم العقل بالمعذورية والأمان من العقاب ، فلا أثر لجعل العدم ، إذ غاية ما يراد به هو إثبات المعذورية ، والمفروض انها ثابتة عقلا مع قطع النّظر عن جعل العدم. واما ان يترتب عليه أثر وجودي عقلي بحيث يحكم العقل بمنجزيته ولزوم الإتيان بمتعلقه في ظرف الشك ، امتنع جعل العدم لمنافاته لحكم العقل بلزوم الاحتياط ـ نظير موارد العلم الإجمالي ـ.
نعم لو كان الحكم العقلي بالاحتياط تعليقيا لا تنجيزيا بحيث يرتفع باعتبار الشارع عدم التكليف ، كان جعل العدم ذا أثر عملي ، لكن الأمر ليس كذلك ، فان حكم العقل بالاحتياط في موارده يكون تنجيزيا لا تعليقيا ، فيتحقق التنافي بين جعل التكليف الواقعي وجعل عدمه ظاهرا من حيث الأثر العملي العقلي ، فلا يصح الجمع بينهما.
وبهذا البيان تعرف ان ما أجيب به عن إشكال الشيخ من اختيارية العدم وكونه تحت القدرة لا يحل المشكلة في جعل العدم ـ وان فرض انه بيد الشارع ، ـ وهي اما اللغوية أو لزوم الجمع بين الضدين.
وكيف كان ، فقد ظهر انه لا معنى محصل للتعبد بعدم الجعل وشمول دليل الاستصحاب له ، وبذلك يتحقق إيراد ثان على الفاضل النراقي ومن تبعه في مدعاه. فتدبر.
الجهة الثالثة : في ان الجعل هل يختلف سعة وضيقا باختلاف المجعول سعة وضيقا أو لا ، يختلف الحال فيه ، بل يكون بنحو واحد سواء كان المجعول واسعا أم ضيقا؟. توضيح ذلك : ان الحكم المجعول لا إشكال في اتساع دائرته