النقض يساوق فصم الوحدة التركيبية ، كان المقصود به هاهنا رفع اليد عن خصوص الأمر الثابت لانسجامه مع مفهوم النقض. فالتفت ولا تغفل.
والمتحصل : ان مقتضى النهي عن النقض اختصاص الاستصحاب بمورد الشك في الرافع سواء تعلق النقض باليقين أم بالمتيقن.
هذا وينبغي التكلم في جهات :
الجهة الأولى : ان النقض في باب الاستصحاب هل يعقل ان يتعلق باليقين أو لا؟. والكلام في ذلك بعد الفراغ عن قابلية اليقين في حد نفسه لتعلق النقض به ، كما عرفت ذلك بملاحظة وحدته الاستمرارية.
وتحقيق الكلام ، هو : ان النقض في باب الاستصحاب لا معنى لأن يتعلق باليقين أصلا. وذلك لأن نقض اليقين ـ على ما عرفت ـ يرجع إلى عدم وحدته الاستمرارية وتخلل العدم بينها. وعليه نقول : ان لدينا يقينين : أحدهما : اليقين بالوجود الفعلي للشيء ، وهذا لا شبهة في انتقاضه بالشك بقاء أو اليقين بالخلاف ، لأن اليقين بوجود الشيء له وحدة استمرارية ، فإذا زالت بقاء بالشك أو باليقين بخلافه فقد اختلت الوحدة ، ويتحقق الانتقاض ، ولذا لا يجتمع اليقين بالوجود الفعلي مع الشك فيه أو اليقين بعدمه ، لأن أحدهما ناقض للآخر. والآخر : اليقين الفعلي بالوجود السابق وهذا لا ينتقض بالشك في الوجود الفعلي بقاء أو اليقين بعدمه بقاء بل قد يجتمعان في آن واحد كما لا يخفى. بل لا يكون اليقين بوجوده فعلا استمرار لليقين بالوجود السابق ، إذ قد يحصلان في آن واحد ، فلا معنى لأن يكون أحدهما استمرارا للآخر.
وسرّ ذلك : ان وحدة اليقين بلحاظ وحدة متعلقه ، فإذا اختلف المتعلق اختلف اليقين. فاليقين يوم السبت بعدالة زيد يوم الجمعة واليقين بعدالته يوم السبت فردان لليقين لاختلاف متعلقهما ، ولأجل ذلك لا يكون اليقين بعدم