حينئذ لشمول دليل الاستصحاب لعدم تحقق الملازمة المصححة لشمول الدليل لمورده.
وبذلك ظهر : ان دعوى جريان الاستصحاب في عدم التكليف لا ترجع إلى محصل ، وليس الوجه فيه ما قيل من انه تحصيل الحاصل ، أو من أردأ أنحائه. فقد عرفت التفصي عن ذلك ، بل العمدة ما ذكرناه هنا ، فتأمل فيه وتدبر.
ثم ان ارتباط هذا المبحث بمبحث الأصل المثبت من جهة ملاكه وهو كون مفاد الاستصحاب التعبد بالأمور المجعولة دون غيرها ، حيث يقع الكلام في ان عدم التكليف قابل للجعل أو لا ، والأمر سهل.
التنبيه الثامن : أشار صاحب الكفاية رحمهالله : إلى أن ما ذكر من عدم ترتب الآثار غير المجعولة على المستصحب ، وأو الآثار المجعولة المترتبة على اللازم غير المجعول المستصحب ، انما هو فيما كانت الملازمة للوجود الواقعي للمستصحب. اما إذا فرض ان اللازم العقلي لازم للأعم من الوجود الواقعي للمستصحب والوجود الظاهري ، كان مترتبا على المستصحب لا محالة ، لتحقق موضوعه واقعا وحقيقة ، وذلك مثل وجوب الإطاعة المترتب عقلا على ثبوت الحكم الشرعي الواقعي والظاهري ، فإذا ثبت الوجوب الشرعي بالاستصحاب ترتب عليه الحكم بوجوب الإطاعة قهرا (١).
وهذا الأمر واضح ، وكان ينبغي ان يجعل من توابع الأصل المثبت ، لا ان يفرد له تنبيه على حدّه. والأمر سهل.
التنبيه التاسع : قد يتوهم ان المستصحب لا بد ان يكون حكما أو موضوعا ذا حكم في مرحلة الحدوث.
ولعل الوجه فيه هو ان الاستصحاب عبارة عن الإبقاء الشرعي بضميمة
__________________
(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤١٧ ـ ٤١٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.