ويبقى في المقام تنبيهان آخران ذكرهما الشيخ في الرسائل ، لا بد من التعرض لهما لهما لما يترتب عليهما من آثار عملية.
اما التنبيه الأول : فالكلام فيه حول استصحاب الصحة (١).
__________________
به لا بالأضعف ، فتدبّر. وكيف كان في غير هذين الوجهين مما أشرنا إليه تبعا للغير كفاية.
ثم أنّ بعض كلمات الكفاية في المقام لا يخلو عن غموض وإشكال الأول وهلة ، وهو قوله : ـ بعد أن استشهد على العموم بقوله عليهالسلام : « لا حتى يستيقن أنّه قد نام » بعد السؤال عمّا إذا حرّك في جنبه وهو لا يعلم وترك الاستفصال بين ما إذا أفادت هذه الأمارة الظن وما إذا لم تفد ـ : « وقوله عليهالسلام : بعده ولا تنقض اليقين بالشك أنّ الحكم في المغيا مطلقا هو عدم نقض اليقين بالشك » فإنّ دلالة قوله : « ولا تنقض اليقين بالشك » على ثبوت حرمة النقض في موارد الشك بقول مطلق ليست محل الكلام وإنّما محل الكلام إرادة مطلق عدم العلم من الشك وهذا لا يثبت بظهور الكلام في حرمة نقض اليقين بالشك مطلقا.
ويمكن رفع الغموض عن كلامه بأن يقال أنّ مراده : إنّ ظاهر قوله : « ولا تنقض اليقين بالشك » أنّه تطبيق على ما أفاده في قوله : « لا حتى ... » وهو الحكم المغيا ، فيستكشف أنّ الحكم الثابت في المغيا بقول مطلق مصداق لعدم نقض اليقين بالشك ، وبعد ضميمة عموم الحكم في المعنى لصورة الظن الحاصل من تحريك شيء وهو لا يعلم ، يثبت أنّ المراد بالشك ما يعمّ الظن ، فلاحظ والأمر سهل.
(١) لا يخفى أنّ البحث في استصحاب الصحة عند طرو مشكوك المانعية أو القاطعية بحث صغرويّ لا كبرويّ ومرجعه إلى تشخيص أنّ المورد من موارد الاستصحاب بالحدود المقرّرة له أو لا؟ نظير مبحث استصحاب العدم الأزلي على ما تقدّم في محله.
وتحقيق الكلام في استصحاب الصحة عند وجود مشكوك المانعية ، كالتبسّم في الصلاة ـ مثلا ـ بنحو يستوعب جميع احتمالاته أن يقال : إنّ الصحة كما بيّن في محله بمعنى التمامية ، من الأمور الإضافية التي تختلف باختلاف الأثر الملحوظ والنتيجة المترقّبة فقد يكون العمل تامّا من جهة وليس تامّا من جهة أخرى.
وعليه نقول : إنّ الصّحة المشكوكة عند طرو مشكوك المانعية إما أن يراد بها تماميّته من حيث ترتّب الأثر وإما أن يراد بها التمامية من حيث موافقة الأمر ، أو من حيث سقوط الأمر.
أما الصحّة من حيث ترتّب الأثر بمعنى المصلحة المترتّبة على العمل ، فإن أريد بها صحة مجموع العمل فهي مشكوكة الحدوث فلا معنى لاستصحابها ، وإن أريد بها صحة الأجزاء السابقة فتحقيق الحال فيها : إنّ الأثر المترتّب على العمل تارة يكون ترتّبه دفعيا يحصل بالإتيان بجميع الأجزاء فلا يترتّب على كل جزء جزء أي شيء ، وأخرى يكون ترتّبه تدريجيّا بحيث تحصل مرتبة منه عند أول جزء وهكذا