ثم استظهر من ذلك إمكان جريان استصحاب الصحة ، بمعنى موافقة الأمر ، فانها أيضا تدريجية الحصول ، فمع طرو المشكوك يشك في بقاء هذه الموافقة التدريجية فتستصحب. كما يستصحب غيرها من الأمور التدريجية (١).
ولكن يرد على استصحاب الصحة بمعنى المؤثرية التدريجية ـ مع الإغماض عن مثبتيته التي تتضح فيما سيأتي إن شاء الله تعالى ـ :
أولا : ان المؤثرية ليست من الأمور الشرعية ، بل هي من الأمور التكوينية اللازمة للأجزاء.
وثانيا : ان هذه المؤثرية المترتبة على الجزء ليست هي ملاك تعلق الأمر ، وإلاّ للزم الأمر بكل جزء مستقل ، مع ان المفروض ارتباطيتها وتلازمها ، فلا كلام في استصحابها وعدمه أصلا.
واما استصحاب الموافقة التدريجية ، فيدفعه : ان الأجزاء متلازمة في مقام الامتثال وسقوط الأمر ، فالإتيان بالجزء لا تحصل به الموافقة الا مع ملحوقية غيره له وسابقيته على غيره ، اما بنحو الشرط المتأخر أو أخذه بوصف الملحوقية ، فمع احتمال طرو المانع يشك في أصل الموافقة ، فلا مجال لاستصحابها لأنها مشكوكة الحدوث والتحقق.
ويتحصل من جميع ما ذكرناه : ان لا مجال لاستصحاب الصحة عند الشك في طرو المانع بأي معنى من المعاني أخذت. وان ما ذكره الشيخ قدسسره متين وتام ومسلم.
يبقى الكلام في :
المقام الثاني : وهو استصحاب الهيئة الاتصالية.
وقد بين الفرق بين القاطع والمانع ، بان كليهما وان كانا يشتركان في ان
__________________
(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ٢٣٩ ـ ٢٤١ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.