والكلام في مقامين :
المقام الأول : في استصحابها مع الشك في مانعية الموجود أو اعتبار المفقود.
المقام الثاني : في استصحابها مع الشك في طرو القاطع المعبر عنه باستصحاب الهيئة الاتصالية.
امّا الكلام في المقام الأول : فتحقيقه : انه قد يتمسك عند الشك في أحدهما باستصحاب صحة العبادة.
وقد نفي الشيخ في مبحث الاشتغال جريان الاستصحاب المذكور.
بتقريب : ان المستصحب إن كان صحة مجموع العمل ، فهو بعد لم يتحقق ، فلا معنى لاستصحابه. وان كان صحة الاجزاء السابقة ، فالمراد بصحتها لا يخلو امّا
__________________
وهكذا.
وإما أن يلتزم بأنّه موجود تدريجا بتدرّج العمل ، فيحصل جزء منه عند أوّل جزء ثم يحصل جزء آخر منه عند الجزء الآخر من العمل وهكذا ، ومبنى هذا القول هو الالتزام باستحالة الواجب المعلّق ، فيستحيل الحكم الفعلي من الآن بجميع أجزاء العمل التدريجي لأنّ تعلّقه بغير الجزء الأول يكون من قبيل الواجب المعلّق.
فعلى المبنى الأول ، إذا تخلّل مشكوك المانعية يحصل الشك في سقوط اقتضاء الأمر بالنسبة إلى الجزء اللاحق لحصوله بعد إتيان الجزء السابق وقبل الإتيان بمشكوك المانعية ، فقد يقال باستصحاب اقتضاء الأمر بالنسبة إلى الجزء اللاحق ويترتّب عليه لزوم إتيانه ، ولكن لا يخفى أن اقتضاء الأمر ليس أمرا شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي فلا مجال للاستصحاب.
وأما على المبنى الثاني ، فتخلّل مشكوك المانعية يوجب الشك في سقوط الأمر المتعلّق بالجزء اللاحق لحصوله بعد إتيان الجزء السابق وقبل إتيان المشكوك. والأمر مما يمكن استصحابه ويترتّب عليه لزوم الإتيان به عقلا ويحصل الامتثال.
لكن المبنى نفسه مما لا نلتزم به كما حقّق في محلّه.
فتلخّص : أنّ استصحاب الصحة بجميع احتمالاته لا مجال له إلاّ على فرض واحد لا نلتزم بمبناه ، فتدبّر.
وبملاحظة هذه الشقوق في استصحاب الصحة تعرف القصور في كلمات الشيخ والمحقّق النائيني لعدم استيعابها لجميع هذه الشقوق ، والأمر سهل.
هذا تمام الكلام في استصحاب الصحة عند طروء مشكوك المانعية.