هذا ، مع مناقشته بما مرّ في مناقشة الاستدلال بالآية الكريمة من عدم الإطلاق بلحاظ جمع الآثار ، إذ الرواية ليست بصدد بيان التنزيل ، كي يتمسك بإطلاقها ، بل بصدد بيان حكم آخر مرتب على المجتهد الّذي أطلق عليه العارف بالاحكام فانه يكشف عن ثبوت التنزيل في الجملة من دون كشف عن سعته وضيقه ، والمتيقن منه تنزيله بلحاظ الحجية والمنجزية والمعذرية. فتدبر.
وأما الأمر الثالث : فالاستدلال به فاسد لوجوه :
الأول : انه على تقدير تماميته ، فنتيجته الورود لا الحكومة ، لأنه ـ أي دليل الأمارة ـ ينفي احتمال الخلاف حقيقة لا تعبدا ، لامتناع تحقق الخلاف عقلا.
الوجه الثاني : انه جهة مشتركة بين دليل الأمارة ودليل الاستصحاب ، فان مقتضى اعتبار الاستصحاب ثبوت الحكم المستصحب في المورد ، وبمقتضى حكم العقل بامتناع اجتماع حكمين ينتفي احتمال خلاف المستصحب ، فدليل اعتبار الاستصحاب يتكفل أيضا نفي احتمال الخلاف بالتقريب المذكور.
الوجه الثالث : ان الحكم المأخوذ في موضوع الأصل لا يمتنع اجتماعه عقلا مع الحكم الفعلي المتحقق بالأمارة ، لأن موضوعه هو احتمال الواقع ، والحكم المتحقق بها حكم ظاهري. وإلا للزم ارتفاع احتمال هذا الحكم بنفس إجراء الأصل ، لأنه يحقق حكما ظاهريا ، فيلزم من إجرائه انتفاء موضوعه ، وهو الاحتمال ، وينتفي هو بانتفائه ، فيمتنع إجراؤه حينئذ ، لأن ما يلزم من وجوده عدمه محال. وإذا ثبت عدم المنافاة بين الحكمين ، فلا يكون نفي احتمال الخلاف في الأمارة موجبا لارتفاع موضوع الأصل ، لأنه ينفي احتمال خلاف هذا الحكم من الأحكام الظاهرية ، وهو لا يتنافى مع احتمال الحكم الواقعي المخالف لمؤدى الأمارة ، فلا تتحقق الحكومة.
وأما الأمر الرابع : فتمامية الاستدلال به تبتني على ان تكون المنجزية والمعذرية وغيرهما من آثار العلم المختصة به عرفا ، بحيث يكون ثبوتها لغيره