ثم انه لا بد من تقييد تعريف الاستصحاب ببعض الخصوصيات من اليقين السابق والشك اللاحق وغير ذلك مما يظهر تقومه به.
هذا تمام الكلام في تعريف الاستصحاب ، وقد طال الكلام فيه مع انه لا يستحق الإطالة لعدم الأثر العملي المترتب عليه كما لا يخفى.
الأمر الثالث : في كون مسألة الاستصحاب أصولية أو لا؟.
الّذي يظهر من الشيخ رحمهالله التوقف في كونها أصولية على تقدير استفادتها من الاخبار (١).
والتحقيق : انك عرفت في مبحث ضابط المسألة الأصولية : ان المسألة الأصولية هي المسألة التي تتكفل رفع التردد في مقام العمل ، وبذلك افترقت عن المسألة الفقهية ، وهي ما كان نظرها إلى نفس المحتمل بوضوح.
وعليه ، فيكون الاستصحاب من مباحث الأصول كما مر بيانه فراجع (٢).
وقد عرفت هناك انه لا يختلف الحال بين ما يجري في الشبهات الحكمية أو يجري في الشبهات الموضوعية ، وان تخصيص المسألة الأصولية بما يجري في الشبهات الحكمية بلا موجب.
ولو فرض عدم كون الأصل الجاري في الشبهات الموضوعية من علم الأصول ، فهو لا ينافي كون الجاري في الشبهات الحكمية منه ، فيكون الاستصحاب بلحاظ جريانه في الشبهات الحكمية مسألة أصولية لاندراجه في ضابطها. وبلحاظ جريانه في الشبهات الموضوعية مسألة فقهية. ولا مانع من كون مسألة واحدة ذات جهتين بلحاظ تعدد موردها بعد عموم دليلها ، نظير مسألة حجية خبر الواحد بناء على شموله للاخبار بالموضوعات وعدم اختصاصه بالاحكام.
__________________
(١) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣١٩ ـ الطبعة الأولى.
(٢) راجع ١ ـ ٢٨ من هذا الكتاب.