التنبيه الحادي عشر : حول الاستصحاب في الأمور الاعتقادية ، وانه هل يجري أو لا؟.
وقد أفاد المحقق الخراسانيّ قدسسره في الكفاية : ان الأمور الاعتقادية ..
تارة : يكون المطلوب والمهم فيها شرعا هو الانقياد ؛ وعقد القلب وأمثال ذلك من الأعمال القلبية الاختيارية.
وأخرى : يكون المطلوب فيها هو تحصيل اليقين والعلم بها.
امّا على الأول ، فلا مانع من جريان الاستصحاب مع تمامية أركانه حكما وموضوعا ، فإذا شك في بقاء وجوب الاعتقاد أمكن استصحابه ، وكذا لو شك في بقاء موضوعه أمكن استصحابه ، لصحة التنزيل وعموم دليل الاستصحاب ، لعدم اختصاصه بالاحكام الفرعية. ولا مانع منه الا ما يتصور من ان الاستصحاب من الأصول العملية. ولكن ذلك لا يصلح للمانعية ، لأن التعبير بالأصل العملي ليس له في دليل الاستصحاب أو غيره عين ولا أثر كي يدعى انصرافه إلى عمل الجوارح دون عمل الجوانح. وانما هو تعبير اصطلاحي عبّر به الأصوليون عما كان وظيفة للشاك تعبدا ، لجعل الفرق بينه وبين الأمارات الحاكية عن الواقع.
__________________
في ترتّب الأثر. والخيار الواقعي لا يعلم بثبوته كي يستصحب عدم الفسخ في زمانه. فمرجع الاستصحاب المزبور إلى استصحاب عدم المجموع ، وقد تقدم أنّه مع استصحاب الجزء لا مجال لاستصحاب عدم المجموع المركّب ، لأنّ المركّب الموضوع للأثر هو عين الاجزاء وليس شيئا وراءها ، والمفروض أنّه لا شك لدينا سوى الشك في الجزء الّذي يجري الاستصحاب فيه ، فلا مجال لاستصحاب عدم المركّب ، وهكذا الكلام في سائر موارد النقض.
فخلاصة الفرق بين ما نحن فيه وبين موارد النقض ، أنّ الاستصحاب النافي فيما نحن فيه الّذي يفرض معاضدته للاستصحاب المثبت يجري في نفي الجزء في زمان الجزء الآخر ، وأما في موارد النقض فهو يجري في نفي المجموع المركّب ، وفرق واضح بينهما من ناحية المعارضة وعدمها ، إذ في ما نحن فيه لدينا شكّان وفي موارد نفي المجموع لدينا شك واحد هو مورد الأثر وهو الشك في وجود الجزء الّذي يجري فيه الأصل المثبت لا النافي ، فتدبّر ولا تغفل.