ولا يخفى انه لا يختلف الحال فيما ذكرناه بين الالتزام باختصاص الاستصحاب بمورد الشك في الرافع أو عمومه لمورد الشك في المقتضي ، فلاحظ.
الجهة الثانية : لو سلم إمكان تعلق النقض باليقين ، فهل هو كذلك إثباتا أو لا؟.
ذهب المحقق النائيني رحمهالله إلى : ان المنهي عنه هو نقض اليقين بما هو ، فالمجعول في الاستصحاب هو اليقين لكن بلحاظ الجري العملي لا بلحاظ المنجزية والمعذرية ، فالفرق بين الأمارات والاستصحاب هو ان المجعول في الأمارات الطريقية والوسطية في الإثبات بلحاظ المنجزية والمعذرية. والمجعول في الاستصحاب هو الطريقية بلحاظ الجري العملي وعلى هذا الأساس بني تقديم الأمارة على الاستصحاب وتقديم الاستصحاب على سائر الأصول ، وجعل الاستصحاب برزخا بين الأمارة والأصول العملية ، وعبر عنه بالأصل المحرز (١).
ولكن ما أفاده قدسسره لا يخلو عن بحث أشرنا إليه غير مرة ، ونوضحه فعلا فنقول : ان الالتزام بجعل اليقين بأدلة الاستصحاب مع قطع النّظر عن خصوصية الجري العملي يبتني على مقدمات ثلاث :
المقدمة الأولى : معقولية اسناد النقض إلى اليقين هاهنا وقد عرفت عدم تمامية هذه المقدمة.
المقدمة الثانية : البناء على قابلية اليقين للاعتبار ، مع أنه من الأمور التكوينية ، بمعنى الالتزام بان الأثر الفعلي العملي ـ وهو التنجيز والتعذير ـ يترتب على الوجود الاعتباري لليقين ، كما هو مترتب على الوجود الحقيقي. فيكون اليقين من الأمور القابلة للجعل ، كبعض الأمور التكوينية التي يترتب
__________________
(١) المحقّق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ٢ ـ ٤١٦ و ٤٩٤ ـ الطبعة الأولى.