مفاد دليل الاعتبار هو وجوب إلغاء احتمال الخلاف تعبدا » (١).
وعلى كل حال فيتلخص الخلاف بين الشيخ وصاحب الكفاية في أن الشيخ يذهب إلى كون دليل اعتبار الأمارة مفاده نفي احتمال الخلاف. وصاحب الكفاية يدعي عدم كونه كذلك. بل هو متكفل لجعل المنجزية والمعذرية أو جعل المؤدى. فالخلاف بينهما صغروي.
والّذي (٢) يستفاد من كلام المحقق الأصفهاني قدسسره في المقام انه على القول بان دليل اعتبار الأمارة يتكفل تنزيل الأمارة منزلة العلم وعلى القول بأنه يتكفل تنزيل مؤداها منزلة الواقع. يكون دليل الأمارة حاكما على دليل الاستصحاب.
وبيان ذلك : ان الأمارة والأصل يشتركان في كون مفادهما معا حكما ظاهريا ، ولكن الأمارة تفترق عن الأصل انها تتكفل أداء الحكم الظاهري بعنوان انه الواقع ، ولذا تترتب عليه آثار الواقع. بخلاف الأصل ، فان ما يتكفل بيانه ليس بعنوان انه الواقع ، بل هو في مرحلة متأخرة عن الجهل بالواقع. وعلى هذا ، فتتضح حكومة دليل الأمارة على دليل الاستصحاب لو كان متكفلا لتنزيلها منزلة العلم ، لأنه يتكفل رفع موضوع الاستصحاب ـ وهو الجهل بالواقع ـ تعبدا ، ويوجب التصرف في موضوع دليله فيكون ناظرا إليه وحاكما عليه.
أما إذا كان دليلها متكفلا لتنزيل المؤدي منزلة الواقع ، فقد لا تتضح الحكومة حينئذ ، لأنه لم يؤخذ في موضوع دليل الاستصحاب عدم الواقع ، بل أخذ الشك وعدم العلم لا غير. فلا يوجب دليل الأمارة التصرف في موضوعه ، بل مفاده أجنبي عنه (٣).
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٣٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٢) لم يتعرض السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ له في هذه الدورة. ( منه عفي عنه ).
(٣) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ١٢٩ ـ الطبعة الأولى.