........................................
__________________
وإن كانت الملاقاة معلومة دون الكريّة ، جرت أصالة عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة فيثبت بها الموضوع المركّب للنجاسة ، ولا يجري الأصل في عدم الملاقاة للعلم بالتاريخ.
فخلاصة الحكم في صور هذا الفرع هو الحكم بنجاسة الماء في صورة العلم بتاريخ الملاقاة. والحكم بطهارته في صورتي العلم بتاريخ الكريّة والجهل بتاريخهما. هذا بناء على ما التزمنا به في مجهولي التاريخ ومختلفيهما ، فراجع.
وقد ذهب المحقّق النائيني ( قده ) إلى الحكم بنجاسة الماء في جميع الصور الثلاث :
أما صورة الجهل بتاريخهما ؛ فلجريان أصالة عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة ، فيثبت بها النجاسة لإحراز الملاقاة بالوجدان وعدم الكريّة بالأصل. ولا مجال لجريان استصحاب عدم الملاقاة إلى حين الكريّة لعدم ترتّب الأثر الشرعي عليه ، لأنّ الحكم بالطهارة مترتّب على كون الكريّة سابقة على الملاقاة ، والاستصحاب المزبور لا يثبت كون الكريّة سابقة على الملاقاة إلاّ بالملازمة.
وأما صورة العلم بتاريخ الملاقاة والجهل بتاريخ الكريّة ، فلعدم جريان أصالة عدم الملاقاة للعلم بالتاريخ ، مضافا إلى كونه مثبتا. وجريان أصالة عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة ، فيثبت بها موضوع الحكم بالنجاسة.
وأما صورة العلم بتاريخ الكريّة والجهل بتاريخ الملاقاة ، فلعدم جريان أصالة عدم الكريّة للعلم بالتاريخ ، ولا جريان أصالة عدم الملاقاة لكونه مثبتا ، فيرجع في المقام إلى عموم الانفعال بالملاقاة ، لا إلى أصالة الطهارة ، لما أسّسه ( قده ) من أنّه إذا ثبت حكم إلزامي للعام واستثنى منه عنوان وجودي ، كان المدار في الحكم بالتخصيص على إحراز ذلك العنوان ، فمع عدم إحرازه يكون المرجع هو العموم ، كما لو قال المولى لعبده لا تدخل عليّ أحدا إلاّ العالم ، فإنّه لا يجوز له إدخال مشكوك العالميّة عملا بأصالة البراءة. وما نحن فيه من هذا القبيل ، لثبوت حكم عام بانفعال ملاقي النجس ، وقد خرج منه عنوان الكرّ ، فمع الشك في كريّة الملاقي يكون المرجع هو العموم على الانفعال بالملاقاة. هذه خلاصة ما أفاده ( قده ) في المقام.
أقول : قد يتساءل بأنّ أصالة عدم الملاقاة إلى زمان الكريّة ـ في صورة الجهل بتاريخهما ـ وإن لم تكن مثبتة لورود الملاقاة على الكريّة ، لكنّها تنفع في إثبات الطهارة وعدم النجاسة ، إذ لا شك في أنّ عدم الملاقاة في زمان القلّة ينفي موضوع النجاسة وهو ملاقاة القليل ، فيكون الاستصحاب مجديا من هذه الجهة وهي نفي موضوع النجاسة وهي كافية في جريانه. فلما ذا أهملها المحقّق النائيني وحكم بعدم جريان الأصل؟ ويمكن أن يوجّه كلامه بوجوه :
التوجيه الأول : أن يقال : أنّ الحكم بطهارة الماء الأوليّة وبحسب ذاته يزول بعروض ملاقاة النجس عليه وحينئذ فإن كانت الملاقاة عارضة على الكرّ حكم بطهارة الماء وإلاّ حكم بنجاسة. فالطهارة.