...............................................
__________________
الملاقاة فيكون الماء طاهرا.
فقد ذكر أنّ هذا الفرع من مصاديق المسألة وذكر له صور ثلاثة ؛ إحداها : أن يجهل بتاريخ كل من الملاقاة والكريّة. والثانية : أن يعلم بتاريخ الكريّة دون الملاقاة ، والثالثة : أن يعلم بتاريخ الملاقاة دون الكريّة.
وإنّ حكم الصور الثلاث من حيث جريان الاستصحاب وعدمه هو ما تقدّم في مجهولي التاريخ ومختلفيهما. فمثلا تجري ـ في صورة الجهل بتاريخهما ـ أصالة عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة وأصالة عدم الملاقاة إلى زمان الكريّة فيتعارضان ويتساقطان بناء على أنّ المانع من جريان الأصل في مجهولي التاريخ هو المعارضة ، كما أنّهما لا تجريان في أنفسهما بناء على أنّ المانع من جريان الأصل في المجهولين في نفسه كما ذهب إليه صاحب الكفاية.
أقول : هذه الصورة وإن كانت من موارد المجهولي التاريخ صورة لكنّها ليست منها اصطلاحا ، فإنّ موضوع البحث في مجهولي التاريخ ـ على ما تقدّم أن يكون موضوع الأثر هو عدم أحدهما في زمان الآخر بنحو الموضوع المركّب ، والأمر ليس كذلك فيما نحن فيه ، فإنّ عدم الكريّة والملاقاة موضوع مركّب للحكم بالنجاسة ، فيصحّ إجراء أصالة عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة لإثبات الموضوع المركّب للحكم بالنجاسة ولكن عدم الملاقاة والكريّة ليس موضوعا للحكم بالطهارة إذ مع الكريّة لا أثر للملاقاة وعدمها فلا معنى لاستصحاب عدم الملاقاة إلى زمان الكريّة ، نعم عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة موضوع للحكم بالطهارة.
وعليه نقول : بناء على ما حقّقناه من امتناع جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ بالإضافة إلى زمان الحادث الآخر في نفسه ، لا يصحّ جريان أصالة عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة الّذي يقصد به إثبات عدم الكريّة في زمن الملاقاة.
وأما استصحاب عدم الملاقاة إلى زمان الكريّة فقد عرفت أنّه لا أثر له ولا معنى لجريانه لأنّ الأثر يترتّب على عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة ، لا على عدم الملاقاة في زمن الكريّة. نعم يصحّ إجراء أصالة عدم الملاقاة إلى زمان الكريّة بالمعنى المساوق لإثبات عدم الملاقاة في زمن عدم الكريّة بأن لا يحاول جرّ المستصحب إلى زمان الكريّة بل جرّه وينتهي بزمن الكريّة ، فيكون المقصود من « إلى زمن الكرية » الانتهاء بزمن الكريّة لا السراية إلى زمانه وإثباته فيه ، إذ بذلك يخرج عن استصحاب المجهول الاصطلاحي ولا يتأتّى فيه المحذور المتأتّي في استصحاب مجهول التاريخ.
ومنه يظهر الحال فيما إذا كان أحدهما معلوم التاريخ ، فإنّه ، إن كانت الكريّة معلومة التاريخ دون الملاقاة جرى استصحاب عدم الملاقاة إلى زمان الكريّة ، ولا يجري استصحاب عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة لعدم جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ.