............................................

__________________

بالنقض وعدمه؟ الّذي يراد بالنقض كما عرفت هو النقض العملي ، وإطلاق النقض إنّما هو بملاحظة أنّ اليقين الآخر لو تعقّب اليقين الأول واتّحد متعلّقهما لكان ناقضا له ، فالمراد باليقين الناقض في باب الاستصحاب هو هذا الفرد من اليقين ، الّذي لو فرض تعلّقه بما تعلّق به اليقين الأول وكان متأخّرا عنه كان ناقضا له ورافعا لوجوده ، وإلا فلا نقض حقيقة في باب الاستصحاب ، وأما غير هذا الفرد من اليقين فلا يكون مشمولا لقوله : « ولكن تنقضه بيقين آخر ».

إذا عرفت هذا اتّضح مراده ( قده ) فإنّه اليقين الإجمالي في الفرض الأول حيث لا يصلح لنقض اليقين السابق التفصيليّ ، فلا يكون لوجوده أثر في المنع عن الاستصحاب لأنّه غير مشمول للذيل.

بخلافه في الفرضين الآخرين لأنّه صالح لنقض اليقين السابق كما عرفت. فليس مراده اعتبار اليقين السابق كما توهّم ، بل مراده هو اليقين الفعلي المتعلّق بالحدوث ، وإنّ اليقين الإجمالي المقترن معه يصلح لنقضه في بعض الصور فيكون مشمولا للحكم بالنقض في الذيل. فيكون المورد من موارد الشبهة المصداقية للذيل ، فتدبّر جيّدا.

هذا غاية ما يمكن أن يوجّه به كلامه لكنّه مبنيّ أوّلا : على كون المستفاد من قوله : « ولكن تنقضه بيقين آخر » حكما شرعيا مستقلا موضوعه اليقين بالنحو الّذي عرفته ، فيعارض الحكم الاستصحابي أو يقيّده. وأما بناء على كون المستفاد منه تحديد جريان الاستصحاب بارتفاع موضوعه وهو الشك كما يستفاد من قوله : « لا حتى يستيقن » فهو بيان لحكم إرشادي عقلي ، فلا يتمّ ما أفاده لأنّه لا يزيد على اعتبار الشك في جريان الاستصحاب ويكون متمّما لذلك. ومن الواضح أنّ الشك فيما نحن فيه موجود بالنسبة إلى كل من الإناءين ، فلا مانع من جريان الاستصحاب وتحقيق ذلك فيما يأتي إن شاء الله.

وثانيا : على الفرق بين الفرض الأول والفرضين الآخرين ببيان أنّ العلم في الأول لا يرتبط بالخارج بل هو متعلّق بالجامع كما تقدّم في مبحث العلم الإجمالي ، وقد تقدّم منّا بيان ارتباط مثل هذا المعلوم بالإجمال بالخارج وإمكان الإشارة إلى أحدهما واقعا بواسطة منشأ العلم ، كوقوع المطر ونحوه ، فراجع.

وثالثا : على تحقيق المراد باليقين الناقض وأنّه هل يختصّ باليقين التفصيليّ أو يعمّ غيره ، وعلى تقدير عمومه لغيره فهل يختلف الحال بين الفروض أو لا؟ وتحقيقه في محلّه إن شاء الله.

ثم ليعلم أنّ مثال اشتباه الدم بدم البق إنّما يتمّ لو علم بامتصاص البق لدمه واحتمل أن يكون الدم الّذي يراه هو ذلك الدم الممتصّ ، وأما لو لم يعلم ذلك أصلا وإنّما احتمله احتمالا فلا مجال لهذا الكلام لعدم تحقّق اليقين الناقض فلا مجال إلا لاستصحاب النجاسة.

هذا تمام الكلام في استصحاب مجهولي التاريخ ، ولا بأس في التعرّض إلى فرع ذكر في هذا المبحث وجعل من فروع المسألة وهو ما إذا علم بكريّة الماء وملاقاته للنجاسة وشك في أنّ الملاقاة سابقة على كريّة الماء فيكون نجسا ـ بناء على عدم طهارة الماء النجس المتمّم كرّا ـ أو أنّ الكريّة سابقة على.

۴۵۰۱