يبينون الحكم يبينونه بعنوان النقل والرواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غاية الأمر انهم لا تشملهم أدلة حجية الخبر للقطع بصدقهم ـ ، إذ على هذا الفرض لا يكون ورود المقيد متأخرا عن وقت البيان ، لصدوره من الأول ، نعم الاطلاع على صدوره يكون متأخرا عن وقت الحاجة ، وهو لا يضير في تقديمه على المطلق بعد صدوره من السابق ، فانه يكفي في عدم تأخره عن وقت البيان بيانه ولو للإمام اللاحق ، ولا يلزم بيانه لخصوص السائل ، إذ ليس المقام مقام عمل ، بل مقام معرفة الحكم وبيانه ، وقد بينه بقيده. نعم لو أراد ان يعمل لم يكن له حق التمسك بالإطلاق ما لم يسأل كل من يحتمل صدور القيد إليه. ومن هنا ظهر انه لا تنحل ذلك مشكلة تأخير القيد في الصورة الأولى ، لأن المفروض كون السائل في مقام العمل ، وتأخير بيان القيد له لا معنى له. وبالجملة : لا يتصور وجه لصحة تأخير بيان القيد في الصورة الأولى أصلا.

واما إذا قلنا بأنهم يبينون الحكم بعنوان الاستنباط من الكتاب والسنة والاطلاع على حكم الله تعالى ، لكنهم ليسوا كسائر المجتهدين باعتبار ان استنباطهم يطابق الواقع ولا يشوبه الخطأ بناء على هذا ، كان الإشكال متوجها ، لأن مقتضى الدليل المطلق ان الحكم الإلهي هو المطلق ، ومقتضى الدليل المقيد ان الحكم هو المقيد ، فيتصادمان كسائر موارد التعارض.

ولا يرتفع التعارض إلاّ بالالتزام بان المطلق لم يرد لبيان المراد الواقعي للمولى ولم يقصد به الكشف عن الواقع ، ولكنّه مشكل ، إذ بعد فرض كون السؤال عن الواقع لأجل العمل أو الاطلاع عليه ، لا معنى لأن يقال ان الإمام عليه‌السلام ليس بصدد بيان الواقع في جوابه ، فالتفت وافهم وتدبّر في أطراف ما ذكرناه فانه بالتدبّر حقيق ومن الله سبحانه نستمدّ التوفيق.

ثم انك قد عرفت في كلامنا مع المحقق النائيني : ان موضوع البحث مورد اختلاف المتعلق في الإطلاق والتقييد ، ومورد كون كلا الحكمين إلزاميين.

۴۸۰۱