يكون الخاصّ المتقدم منافيا للعام إلاّ إذا فرض ثبوت حكمه في وقت العام ، وهذا انما يكون على مبناه بالاستصحاب ، وإذا كان ثبوت حكم الخاصّ في وقت ورود العام بالاستصحاب لم يصلح لمناهضة أصالة العموم كما لا يخفى ، فانه مما لا يتوهمه فاضل. فما أفاده قدس‌سره عجيب منه.

كما ان ما أفاده صاحب الكفاية من أقوائية الظهور الإطلاقي من ظهور العموم ، يرد عليه :

أولا : انه انما ينفع في إثبات التخصيص بالنسبة إلى الخاصّ المتقدم لا المتأخر ، وذلك لوجود ظهور إطلاقي في الاستمرار يتكفله الخاصّ ، وظهور وضعي في العموم يتكفله العام.

وهذا غير متوفر في صورة تأخر الخاصّ ، لأن ورود الخاصّ المتأخر موجب لانتفاء الإطلاق جزما ، سواء لوحظ بالإضافة إلى ما بعد ورود الخاصّ كما هو واضح ، أو لوحظ بالإضافة إلى حين وروده من حين ورود العام ، لأنه اما ان يكون مخصصا فلا استمرار لعدم موضوعه أو ناسخا. وإذا تبين عدم الإطلاق المتكفل للاستمرار فلا دوران بين أصالة العموم وأصالة الإطلاق ، بل القاعدة تقضي بجريان أصالة العموم لعدم المعارض.

وثانيا : ـ أشار إلى هذا الإيراد بنحو الإجمال المحقق العراقي في مقالاته (١) ـ ان كثرة التخصيص وندرة النسخ متأخرة عن زمان ورود الخاصّ ، بمعنى انه لم تكن ثابتة قبل ورود الخصوصيات بالنحو المزبور ، بل هي ناشئة عن الالتزام بالتخصيص دون النسخ في الخصوصيات المزبورة ، فلو التزم بالنسخ كان الأمر بالعكس.

وعليه ، فلا بد من بيان علة الالتزام بالتخصيص دون النسخ من أول

__________________

(١) العراقي المحقق الشيخ ضياء الدين. مقالات الأصول ١ ـ ١٦٢ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۰۱