بدليل خاص. فتدبّر.

فظهر ممّا تقدم ان ما أفاده قدس‌سره لا يخلو عن خدشة ، فان أساسه ـ وهو عدم نظر الحكم إلى موضوعه حدوثا وبقاء ، مع كون كل من الحكمين رافعا لموضوع الآخر ـ ممنوع ، إذ عرفت ان الحكم يمكن ان ينظر إلى موضوعه وبالخصوص فيما نحن فيه هذا أوّلا.

وثانيا : ان إعدام موضوع الحكم على قسمين : قسم يكون جائزا ، نظير السفر في رمضان الرافع لموضوع وجوب الصوم فانه لا مانع منه. وقسم لا يكون جائزا ، نظير رمي الإنسان نفسه من شاهق ، فانه بالرمي يرتفع اختياره عن السقوط على الأرض والموت ، فلا يكون قادرا على حفظ نفسه مع أنه غير جائز.

فإعدام الموضوع ليس بجائز دائما بل هو جائز في بعض صوره وغير جائز في صور أخرى.

وعليه ، فامتثال أحد الحكمين وان كان رافعا لموضوع الآخر ، إلا انه لا بدّ من إيقاع البحث عن ان رفع موضوع الحكم الآخر جائز أو لا؟ وما هو السّر في جوازه. فالبحث لا بد ان يكون في مرتبة سابقة على إعدامه بحيث يكون عدمه جائزا فلا يتنافى الرافع مع الحكم الآخر.

وثالثا : انه قدس‌سره أفاد كما عليه غيره : انه لا علاج للتزاحم وهذا التنافي المقرّر إلاّ بتقييد أحد الحكمين بترك امتثال الآخر أو عصيانه ، وهو المصطلح عليه في هذا الفنّ بالترتب. ومن الواضح ان التقييد المزبور يرجع إلى تضييق دائرة الجعل والإنشاء ، فيكشف عن كون التنافي في مقام الجعل ، وإلاّ لم يكن وجه للتصرف فيه بعد ان كان التنافي في مقام غيره.

ولعلّ السّر في اختياره قدس‌سره الفرق بين المقامين بالنحو المتقدّم هو انه لا إشكال في وجود الفارق بين المقامين في نظر كل مكلّف ، فالمكلّف يجد فرقا بين ما إذا قال له المولى : « أكرم العلماء » ثم قال : « لا تكرم الفسّاق » وتردد

۴۸۰۱