في حكم المولى في العالم الفاسق انه الأول أو الثاني. وما إذا قال له : « كلما جاءك زيد فأعطه درهما ». وقال له : « كلما جاءك عمرو فأعطه درهما » فجاءا معا ولم يكن لديه سوى درهم واحد. ووجود الفرق بين المثالين مما لا ينكره أحد فأراد تحديده بما عرفت الخدشة فيه.
ويمكننا ان نحدّد باب التزاحم بلحاظ هذين المثالين ، بأنه المورد الّذي يكون التنافي فيه بين الحكمين من جهة عدم التمكن من امتثالهما وعدم القدرة عليه ، بحيث لا يرى المكلف مانعا من ثبوت كل من الحكمين سوى وجود الحكم الآخر وداعويته إلى امتثال متعلّقه المانع من امتثال ذلك الحكم ، وإلاّ فالمقتضي لكلا الحكمين موجود بنظره ولا نقصد بالمقتضي المصلحة أو المفسدة كي يرد انه تخصيص للبحث على رأي العدليّة ، بل مقصودنا ما يكون منشأ للحكم ولو كان هو الإرادة أو الكراهية ، فان الحكم لا يتحقق من دون منشأ وبنحو جزاف حتى على رأي الأشاعرة. ولعلنا نتوفّق إلى توضيح هذا الاختيار فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
ثمّ ان هذا التزاحم المبحوث عنه هل يختصّ بصورة توارد الحكمين على موضوعين ، أو يعمّ صورة تواردهما على موضوع واحد ، كما لو اشتمل الفعل على جهة توجب وجوبه وجهة توجب حرمته؟.
ذهب المحقّق النائيني قدسسره إلى اختصاصه بالصورة الأولى دون الثانية وهي التي عبّر عنها بالتزاحم في مقام الملاك ـ على ما تقدّم في صدر الكلام ـ ووجه خروجها عن محل البحث بوجهين :
أحدهما : ان علاج التزاحم في هذه الصورة يرتبط بالمولى نفسه ويكون بيده ، لأنه يرتبط بعالم جعل الحكم وترجيح إحدى الجهتين على الأخرى وملاحظة حصول الكسر والانكسار بينهما ولا يرتبط بحكم العبد نفسه.
وثانيهما : انه يبتني على قول العدليّة بضرورة وجود الملاك للحكم ، مع ان