وعليه ، فاعتبار القدرة في متعلّق الحكم انما هو لأجل استحالة تحقق الحكم بدونها لا لأجل لغويته وقبحه من الحكيم فقط ، كما هو المشتهر على الألسنة وفي الكتب.

وإذا ثبتت محالية التكليف بغير المقدور في نفسه ، فإذا امتنع امتثال كلا الحكمين لعدم القدرة على متعلقيهما امتنع جعلهما لا محالة لامتناع المجعول ، إذ يمتنع ثبوت الحكمين بعد ان لا يمكن تحقّق داعويّتهما معا. فتتضيق دائرة جعل أحدهما قهرا.

بل لو التزمنا بان امتناع التكليف بغير المقدور لأجل لغويته وقبحه على الحكيم كان الأمر كذلك ، إذ يمتنع ثبوت كلا الحكمين لعدم القدرة على متعلقيهما ، فثبوتهما معا لغو قبيح على الحكيم. فلا بد من رفع اليد عن أحدهما فتتضيق دائرة الجعل في أحدهما ، فيكون التنافي في مقام الجعل ، بمعنى انه يمتنع جعل كلا الحكمين المتزاحمين كما يمتنع جعل الحكمين في مقام التعارض فتدبّر جيّدا.

ومن هنا يتّضح انه لا فرق في امتناع جعل مثل هذين الحكمين بين ما إذا كان إنشاؤهما بدليل عام أو دليل خاص.

فانه قد ادعي : عدم امتناع الأوّل ، مثل ما إذا قال : « أنقذ كل غريق ، ولا تغصب » ، فتوقف إنقاذ بعض الغرقى على الغصب فانه لا مانع من جعل هذين الحكمين في تلك الحال. بخلاف ما إذا قال في تلك الحال : « أنقذ هذا الغريق ولا تغصب هذا المكان » ، فانه لغو فيكون محالا.

ولا يخفى ما في هذه الدعوى ، فانه إذا كان جعل هذين الحكمين محالا لأنه لغو أو لأنه محال في نفسه ، فشمول الدليل العام لهذه الصورة بحيث يكون الجعل فيها متحقّقا لغو أيضا فيكون ممتنعا. وبعبارة أخرى : عموم الدليل لا يرفع اللغويّة في هذه الصورة ، فإرادتها تكون ممتنعة بنفس الملاك الّذي يمتنع فيه الجعل

۴۸۰۱