بالوضوء مع ان الماء موضوع وجوب الوضوء.
وهذا ممّا لا إشكال فيه. ولو سلّم عدم جواز نظر الحكم إلى موضوعه ، فما نحن فيه مستثنى عن هذه القاعدة الكليّة ، لأن موضوع الحكم فيه بنحو ينظر إليه الحكم.
وذلك لأن الحكم يدعو إلى متعلّقه ويطالب بصرف القدرة فيه ، فتأثيره في صرف القدرة مما لا إشكال فيه ، فيمنع قهرا عن صرفها في متعلّق الحكم الآخر ـ لغرض ان القدرة واحدة ـ فيحتفظ بموضوعه. فكلا الحكمين ينظر إلى صرفهما في متعلّقه وهو ملازم للاحتفاظ بموضوعه ، لأن صرفها في غيره يقتضي إعدام موضوعه. فنظر الحكم إلى موضوعه فيما نحن فيه من جهة اقتضائه الدعوة إلى متعلّقه وهو امر لازم لكلّ حكم.
وإذا ثبت ان كلا من الحكمين يقتضي صرف القدرة في متعلّقه ، والمفروض ان القدرة واحدة فلا يتمكن العبد من امتثال كلا الحكمين.
وعليه فيمتنع جعل كلا الحكمين ، فان التكليف بالمحال محال في نفسه ، لأن حقيقة الحكم والتكليف بنحو لا بد من إمكان ترتّب الداعويّة عليه ، سواء قلنا انه عبارة عمّا يقتضي تحريك إرادة العبد ـ نظير ماكنة السّاعة ـ ، ولذا كان أخذ القدرة في موضوعه لأجل اقتضاء التكليف له لا بحكم العقل ، أو قلنا انه عبارة عن امر اعتباري لأجل داعويّة المكلّف نحو العمل ، أو انه جعل الفعل في العهدة ، فان إمكان الداعويّة مأخوذ في قوامه على الأوّل ومن لوازمه على الثاني بحيث يكون عدمه كاشفا عن عدم الحكم ، وهكذا على الثالث ، لأن القائل به لا يلتزم بان حقيقة الحكم التكليفي كالحكم الوضعي بلا اختلاف ، بل يرى الفرق بينهما في ان الغرض من الحكم التكليفي إمكان الداعوية وتحريك العبد نحو العمل. وعليه ففي المورد الّذي لا يمكن ان يترتب على الجعل الدعوة والتحريك لا يكون المجعول هو الحكم ، إذ الحكم ما يمكن ان يكون داعيا.