عنوان المكلف على المكلف في شخص الواقعة لا المكلف في نفسه أي من كان ملزما من قبل الشريعة بما يلزم به الناس من دون نظر إلى خصوص الواقعة الملتفت إليها. وأيا ما كان فهذه وأمثالها مناقشة لفظية لا طائل تحتها. والّذي له مضمون علمي جدير بالبحث هو أن نتكلم في ان هذه الوظائف المقررة في الأقسام هل تختص بالمكلف البالغ حقيقة ـ سواء عبرنا عنه بتعبير الشيخ ( قده ) أو بتعبير صاحب الكفاية ـ أو أنها لا تختص بالبالغ المكلف بل تجري في حق من لم يكن بالغا فحينئذ ينبغي تغيير المقسم على التقدير الثاني وذلك بجعله الأعم من البالغ وغيره أي المكلف العقلي.
والصحيح هو عدم الاختصاص وإمكان تصوير جريان هذه الوظائف في حق غير البالغ وذلك في جملة من الموارد نذكر على سبيل المثال ثلاثة أنحاء منها.
١ ـ ان أصل اختصاص الأحكام بالبالغ وارتفاعها عن غيره وإن كان من ضروريات الدين بل عند العقلاء أيضا فيكون خارجا عن المقسم الملحوظ في الأقسام خصوصا مع كون مسألة حجية القطع ليست أصولية ، إلا ان إطلاق ذلك في بعض الأحكام ربما يقع مورد الشك والشبهة فيشك بنحو الشبهة الحكمية لا محالة في ثبوت ذلك الحكم على غير البالغ المميز ـ أي القابل للتكليف عقلا ـ كما لو فرض الشك في ثبوت الأحكام الثابتة بمقتضى الملازمة بين ما حكم به العقل وحكم به الشرع في حق غير البالغين فيتعين عليه حينئذ أن يسلك طريق الاجتهاد أو التقليد أو الاحتياط لتحديد وظيفته بالنسبة إلى ذلك الحكم حاله في ذلك حال غيره ، والوظيفة في هذه الشبهة بالرجوع إلى إطلاق أدلة رفع القلم عن الصبي الحاكم على إطلاقات أدلة الأحكام الواقعية لو فرض الإطلاق فيها ما لم يثبت مقيد لنفس هذا الإطلاق ولو كان نفس حكم العقل وقانون الملازمة لو فرض عدم قابليتها للتخصيص. نعم لو ثبت بأدلة الرفع رفع فعلية العقاب عن غير البالغ ولو كان مستحقا له فلا بأس بالتمسك به حينئذ.
٢ ـ أن يشك في تحقيق البلوغ بنحو الشبهة الحكمية وهل انه بدخول الخامس عشر أو بإكماله مثلا. ومنهج البحث هنا أن يقال : إن كان في دليل الحكم إطلاق في نفسه فهو حجة لإثبات فعلية ودليل الرفع لا يصلح للمقيدية بعد فرض إجماله وإلا لحكم بلا إشكال. ولو فرض عدم الإطلاق في دليل الحكم فالمرجع الأصول العملية من الاستصحاب أو البراءة