الرابعة ـ انَّ التنجز من حيث الوصول ثابت للتكليف في أي طرف كان بالعلم الإجمالي أو بالاحتمال ، وانَّما هناك اضطرار إلى ترك الاحتياط الّذي قد يؤدّي إلى ترك بعض التكاليف المعلومة بالإجمال والمتنجزة من حيث الوصول ، وحينئذ لا بدَّ من ترجيح المظنونات على المشكوكات والموهومات بقوة احتمال الأهمية ـ التي هي من مرجحات باب التزاحم ـ.

وروح هذه الفرضيات ونتيجتها واحدة وإِنْ اختلفت صياغتها حسب اختلاف المباني في منجزية العلم الإجمالي وغيرها بنحو لا يسعنا الدخول في عرضها في المقام على التفصيل.

ثمّ انَّنا فيما يلي نتكلّم في كلّ واحدة من مقدمات الانسداد حسب ترتيبها في الكفاية فنقول :

امَّا المقدمة الأُولى ـ وهو العلم الإجمالي بثبوت تكاليف في مجموع الشبهات ، فمما لا ينبغي الإشكال فيه لأحد منشأين.

١ ـ البرهان اللّمي الناتج من الاعتقاد بالشريعة والدين المستلزم للاعتقاد بثبوت أحكام وتشريعيات إلزامية فيها.

٢ ـ البرهان الإنِّي القاضي باستكشاف ذلك من مجموع الروايات والأمارات والشواهد المنتشرة في الفقه الدالة إجمالاً على وجود تكاليف في الشريعة المقدسة.

وإِنَّما الكلام في تحقيق دعوى انحلال هذا العلم بعلم أصغر منه بحيث يمكن الاحتياط التام في أطرافه. وهذه الدعوى يمكن تصويرها بأحد وجوه :

١ ـ انحلال العلم الإجمالي بالتكاليف في مجموع الشبهات بالعلم الإجمالي في حدود الأمارات القائمة في الفقه على الحكم الشرعي ، فلا يجب الاحتياط في الشبهات المجردة عن الأمارة على التكليف. وهذا صحيح وقد تقدّم ذكره عند التعرّض للدليل العقلي على حجية خبر الثقة ، حيث قلنا انَّه لا موجب لافتراض انَّ المعلوم بالإجمال بالعلم الكبير أكبر عدداً ممّا يعلم إجمالاً ثبوته في دائرة مجموع الأمارات لا من ناحية البرهان اللمِّي ولا الإنِّي المتقدمَين ، أمَّا الأول فواضح وأمَّا الثاني فلأنَّ هذه الأمارات بحسب الحقيقة هي المدرك الكاشف عن ثبوت التكاليف في الشريعة. والاحتياط في

۴۵۶۱