وقد يقال هنا بما يذكر عادة في بحث الدوران بين المحذورين من جريان الأصل المؤمن عن الطرفين معاً من دون محذور ، لأنَّ المحذور انَّما يكون من جهة الترخيص في المخالفة القطعية وهي غير ممكنة ففي المقام أيضا لا يمكن المخالفة القطعية للعلمين الإجماليين فلا محذور من جريان الأصول المؤمنة في جميع الأطراف.
إِلاّ انَّ هذه الشبهة لو تمّت في محلّها فتتم في المقام في المورد الرابع والخامس المتقدمين لا في هذا المورد ، لأنَّ المفروض هنا وجود علمين إجماليين مشتركين في طرف واحد وكلّ منهما في نفسه مخالفته القطعية ممكنة وهو كافٍ في تعارض الأصول وتساقطها في أطرافه.
نعم لو قيل بما ذكره الكفاية ( قده ) في بحث الاضطرار إلى بعض الأطراف من دون تعيين من سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية لأنَّه متى ما لم تجب الموافقة القطعية بلحاظ طرف سقطت المنجزية في الطرف الآخر أيضا لاحتمال أَنْ يكون التكليف ثابتاً فيه بل على تقدير كونه في غير الطرف الّذي جازت مخالفته فلا يكون العلم علماً بالتكليف على كلّ تقدير ، أقول هذه الشبهة روحاً جارية في المقام أيضا.
الثالث ـ انَّ لدينا في المقام علم إجمالي بلحاظ مادتي الافتراق ، لأنَّه لا يحتمل انطباق المعلومين الإجماليين معاً في مادة الاجتماع للتنافي بينهما فيعلم إجمالاً بثبوت تكليف إِلزامي في إحدى مادتي الافتراق على أقلّ تقدير وهو كافٍ في وجوب الاحتياط فيهما ، فإنَّا نعلم بأنَّه على تقدير كذب الخبر الإلزاميّ في مورد الاجتماع فهو صادق في مورد الافتراق كذلك بلحاظ الدليل الآخر المثبت للتكليف المعاكس وبما انَّ أحدهما كاذب لا محالة ـ إذ لا يعقل صدقهما معاً فيعلم بثبوت التكليف في أحد موردي الافتراق إجمالاً على الأقل. وهذا البيان مخصوص بما إذا كان هناك علمان إجماليان كما في المقام ولا يتمّ في المورد الرابع والخامس إذا كان هناك علم إجمالي واحد ضمن أطراف أحدهما يدور بين متباينين كما يظهر بالتأمل.
وهذا الجواب انَّما يتمّ فيما إذا لم يكن العلم الإجمالي بصدق أو صحة إحدى الروايات مستنداً إلى تجميع القيمة الاحتمالية للصدق في مجموع الأطراف ، وإِلاّ فلا يتشكّل لنا قضية شرطية بأنَّ أحد الأطراف لو كانت الرواية فيه كذباً لكان المعلوم