التكليف فيهما متساوياً انحلّ العلم الكبير بالعلم الصغير وجرت الأصول المؤمنة في مورد افتراق أطراف الكبير عن الصغير بلا معارض وفي المقام الأمر كذلك ، لأنَّنا إذا أفرزنا من الروايات أطراف العلم الصغير بمقدار المعلوم بالإجمال ثمّ لاحظنا الباقي منها مع سائر الأمارات والشبهات لم يبق لنا علم إجمالي بالتكليف فيها ، وهذا شاهد على انَّ المعلوم بالعلم الإجمالي الصغير نفس المعلوم بالعلمين الإجماليين الوسط والكبير.
والصحيح انَّ العلم الإجمالي الوسط المذكور لا ينحل بالعلم الإجمالي الصغير في دائرة الروايات ، لأنَّ العلم الإجمالي الوسط بحسب الحقيقة تلفيق وتجميع لعلوم إجمالية متعددة بعدد الأمارات قائمة على أساس إجراء حساب الاحتمالات في كل نوع من الأمارات ، ومن أجل توضيح الفكرة لنفترض انحصار الأمارات الظنية في صنفين الروايات والشهرات ولنفترض انَّ مجموع الروايات مائة ومجموع الشهرات مائة أيضا ويعلم إجمالاً في كلّ منهما بصدق عشرة أمارة على الأقل حيث لا يحتمل كذب الجميع من كلّ صنف بحساب الاحتمالات ونفترض انَّهما متطابقان مجتمعان في تسعين مورد ومفترقان في عشرة من كل جانب ، وحينئذ نقول يستحيل أَنْ ينحلّ العلم الإجمالي بعشرة أحكام مثلاً مطابقة للواقع في مجموع أطراف الأمارتين وهي مائة وعشرة حسب ما فرضناه ـ وهو العلم الإجمالي الوسط ـ بالعلم الإجمالي بمطابقة عشرة روايات ضمن مجموع الروايات مع العلم الإجمالي الصغير ، وذلك ببرهان انَّ العلم المذكور كما رأينا تلفيق بين العلمين الصغيرين العرضيين وحينئذ إِنْ افترض انحلاله بأحد العلمين الصغيرين وهو مائة رواية بالخصوص دون مائة شهرة فهو ترجيح بلا مرجح ، وإِنْ فرض انحلاله بموارد الاجتماع والتطابق بينهما وهي التسعين فهذا معقول إِلاّ انَّه لا ينتج المطلوب وهو حجية تمام الروايات كما انَّه خلاف فرض المستدلّ ، لأنَّ معناه وجود علم إجمالي أصغر من الصغير وبهذا يعرف انَّه لا يكفي للبرهنة علم انحلال العلم الإجمالي الوسط دعوى انَّ المعلوم في العلم الصغير مساو للكبير لأنَّنا لو أفرزنا بمقداره من أطرافه لما بقي في الباقي منها منضماً إلى أطراف العلم الكبير الأُخرى علم إجمالي.
بل بالتأمّل يظهر انَّ هذا الميزان أيضا غير منطبق في المقام ، لأنَّنا إذا أفرزنا من موارد الاجتماع بين الأمارتين بمقدار المعلوم بالإجمال لم يبق علم إجمالي بملاحظة الباقي