المحققون من تصور استقرار الدور في عالم الوجود وفعلية الدائر لا في عالم نفس التوقف والعلّية. وقد بيّنا انَّ نفس العليّة والتوقف غير معقول. وفي موارد التزاحم بين المقتضي التعليقي والتنجيزي انَّما يؤثر التنجيزي دون التعليقي لأنَّ المانع عن تأثيره غير موجود لا ببرهان الدور المذكور بل ببرهان انَّ المقتضي التعليقي يستحيل مانعيته فلا يكون صالحاً لها لأنَّه هل يمنع في فرض وجوده أو عدمه امَّا في فرض وجوده فهو مساوق مع تحقق المعلّق عليه الّذي هو انعدام المقتضي التنجيزي ومن الواضح انَّه مع انعدامه يستحيل مانعية المقتضي التعليقي عنه ، فانَّ مانعية المانع فرع وجود المقتضي الممنوع ، وامَّا في فرض عدمه فلأنَّ المعدوم يستحيل مانعيته وعليه ففي فرض وجود مقتضي المانع التنجيزي يكون المانع عنه مفقوداً لاستحالة مانعية المقتضي الآخر وباعتبار تنجيزيته يؤثر لا محالة وبذلك يكون مانعاً بل رافعاً لأصل وجود المقتضي التعليقي.
هذا بشكل عام وامَّا في المقام ، فحيث انَّ المسألة ليست تكوينية بل تشريعية فلا يكفي الحساب المذكور بل لا بدَّ من ملاحظة موضوع الجعل التشريعي لحجية كلّ من إطلاق الآيات والسيرة بالنحو المتقدّم شرحه مفصلاً. وقد عرفت فعلية حجية الإطلاق دون السيرة. هذا كلّه لو مشينا حسب المنهج الّذي سار عليه صاحب الكفاية ( قده ) وتابعه عليه المحققون من بعده ولكن لا تصل النوبة إلى ذلك كما أشرنا إليه في صدر المسألة لأنَّه :
أولا ـ التشكيك في أصل دلالة الآيات الناهية على الردع عن العمل بالظنّ.
وثانياً ـ لو فرض ذلك قد يدعى انَّ رسوخ السيرة على العمل بخبر الثقة وارتكازيتها يمنع عن انعقاد إطلاق في الآيات بلحاظ صيرورتها بمثابة القرينة المتصلة المانعة عن الإطلاق ذاتاً.
وثالثاً ـ لو فرض انعقاد الإطلاق فهو ليس رادعاً جزماً ، باعتبار انعقاد سيرة المتشرعة فعلاً على العمل باخبار الثقات الكاشف إِنّا عن عدم الردع.
ورابعا ـ لو قطعنا النّظر عن سيرة المتشرعة وبقينا وسيرة العقلاء مع ذلك نقول لا تصلح إطلاقات الآيات المذكورة للردع عنها لما أشرنا إليه مراراً من أنَّه لا بدَّ من أَنْ يكون البيان الرادع يردع عن نكتة السيرة صراحة فلا يكفي فيه مجرد إطلاق أو عموم