الثاني ـ أبرز الميرزا ( قده ) في المقام إشكالاً ثالثاً حاصله : لزوم اتحاد الحاكم والمحكوم لأنَّ حجيّة خبر الكليني منقحة لموضوع حجيّة خبر الواسطة وبذلك تكون حاكمة عليها فإذا كان دليل الحجّيتين واحداً لزم اتحاد الحاكم والمحكوم وهو محال.
وقد عرض هذا الإشكال في فوائد الأصول ببيان ساذج من دون أن يبيّن وجه المحذور في اتحاد الحاكم والمحكوم ، وكأنه لأن الحاكم والمحكوم متقابلان فلا يمكن اتحادهما ولهذا أجاب على الإشكال بأنَّ جواب الانحلال المتقدّم بنفسه جواب على هذا الإشكال لأن الحاكم انَّما هو حجية خبر الكليني والمحكوم حجية خبر الواسطة فلا اتحاد ، وبهذا يكون هذا الإشكال نفس إشكال الطولية المتقدم مع تغيير في العبارة إلى الحاكم والمحكوم.
ولكن في أجود التقريرات قد بيّن نكتة فنيّة للإشكال حاصله : انَّ الحكومة شأن باب الأدلة ومقام الإثبات والدلالة لا مقام الثبوت إذ الحكومة عبارة عن القرينيّة بلسان الحكومة والتفسير وهو انَّما يكون بلحاظ مقام الإثبات والكشف ومعه لا تكون الحكومة معقولة مع وحدة الدليل لأنَّ التفسير والقرينية فرع وجود كلامين ودالّين ليكون أحدهما قرينة على المراد من الآخر. وهذا البيان لا يكفي في دفعه مسألة الانحلال لأنَّ الانحلال انَّما هو من شئون عالم المجعول الّذي هو أجنبي عن مفاد الدليل والجعل.
وقد أجاب عليه بما حاصله : انَّ الحكومة على ثلاثة أقسام :
١ ـ الحكومة التفسيرية ـ كما إذا فسّر مراده من العالم مثلاً بالعارف.
٢ ـ الحكومة التي هي تخصيص بلسان رفع الموضوع كما إذا قال ( لا شك لكثير الشك ) وهذان القسمان لا بدَّ فيهما من وجود دليلين ولا يمكن اجتماع الحاكم والمحكوم فيهما في دليل واحد إذ لا يعقل مع وحدة الجعل والدليل المفسّر أو المخصص.
٣ ـ ما يكون حكومة لبّا ولساناً بأن يكون الحاكم متصرفاً في موضوع الدليل بمعنى انَّ الدليل الأول يدلّ على ثبوت الحكم على موضوعه المقدر الوجود والدليل الثاني ينقح في مجال تطبيق الدليل الأول وفعليته ـ الّذي هو أجنبي عن مدلول الدليل والجعل الكلّي ـ موضوعاً له نظير حكومة الأصل السببي على الأصل المسببي والأمارات على