وبهذا يظهر الجواب على التقرير الثاني للإشكال فانه إذا أُريد تقرير الإشكال بلحاظ عالم الجعل فواضح انَّه في عالم الجعل يكون الموضوع هو مفهوم الخبر لا وجوده الخارجي ومفهوم الخبر ليس في طول الحجية وانَّما الّذي يكون في طول الحجية وجود خبر الواسطة : نعم لو كان المأخوذ في الموضوع كلّ خبر بعنوانه لزم أخذ الخبر الّذي يكون في طول الحجية بعنوانه في موضوعها فيلزم التهافت أو الخلف بحسب لحاظ الجاعل ولكن عرفت انَّ المأخوذ طبيعي الخبر (١). ولو أريد تقريره بلحاظ عالم المجعول والفعلية فخبر الواسطة في طول حجية مجعولة لخبر الكليني وهي غير الحجة المجعولة لخبر الواسطة فالموقوف غير الموقوف عليه كما هو واضح. هذا إِلاّ انَّ الإشكال الثاني كما أشرنا إليه في مستهل البحث فيه خلط بين عالم الثبوت والإثبات يعني انَّ الّذي يكون في طول حجية خبر الكليني ليس هو الوجود الواقعي لخبر الصفار بل الوجود التعبدي الّذي يعني التعبد بوجوده ومعنى التعبد بوجوده ترتيب ما لوجوده الواقعي من أثر شرعي الّذي هو الحجية بحسب الحقيقة فلو كان هناك إشكال فهو الإشكال الأول وهو أخذ الحجية في موضوع الحجية لا الطولية وتولد الموضوع عن الحكم. والظاهر انَّه إلى هذا أشار صاحب الكفاية ( قده ) حينما أفاد بأنَّه لا وجه بعد دفع الإشكال الأول بالقضية الطبيعية إلى الاستشكال ثانياً بلحاظ خبر الواسطة.
وهذا الجواب صحيح لا غبار عليه.
يبقى انَّ الميرزا ( قده ) له كلامان آخران في المقام.
الأول ـ انَّه ادعى عدم مجيء المحذور رأساً بناءً على مسالكه في باب الحجية من انَّ المجعول فيها هو الطريقية والعلمية لأنَّها على هذا المسلك تكون الحجية مجرّد اعتبار
__________________
(١) لا يقال : يمكن جعل هذه النكتة جواباً آخر عن الإشكال بلحاظ عالم الجعل برأسه فيقال بأنَّه حتى لو كان المأخوذ في عالم الجعل كلّ خبر أو كلّ أثر بعنوانه إِلاّ انَّ المأخوذ مفهومه لا مصداقه الّذي هو الحجية بالحمل الشائع فلا تهافت وأيّ مانع من أن يؤخذ مفهوم شخص الحكم في موضوعه.
فانَّه يقال : هذا خلف في عالم اللحاظ لأن الجاعل يرى من خلال جعل القضية انَّ الموضوع مفروض ومقدر وجوده بقطع النّظر عن الحكم الّذي يراد ترتيبه عليه فلو فرض أخذ تصوره ومفهومه في طرف الموضوع كان معناه فرضه ثابتاً ومقدر الوجود وهو خلف ؛ والحاصل : أخذ مفهوم الحكم في طرف الموضوع معناه لحاظه بالنظر الفراغي وهو لا يجتمع مع نظارة الحكم التي تستدعي ملاحظته غير مفروغ عنه بل بنحو يراد إيقاعه وتفريعه فانه خلف أو تهافت في اللحاظ والنّظر.