ومعارضاً مع الأخص لا محكوماً له كما هو الحال في العام والخاصّ.
الثالث ـ وهو مبني على أن يكون مفهوم الشرط في الآية عبارة عن انَّه إذا لم يجئ الفاسق بالنبإ فلا يجب التبين سواءً لم يجئ أحد أو جاء العادل به فتكون حجية خبر العادل مستفادة من إطلاق المفهوم إذ حينئذ يقال بأنَّ التعارض بين إطلاق المفهوم وإطلاق التعليل لا أصل المفهوم فلا أخصية.
٢ ـ دعوى حاكمية المفهوم على عموم التعليل وهذا ما ذهبت إليه مدرسة المحقق النائيني ( قده ) بزعم انَّ الحجية معناها جعل الطريقية والعلمية ومعه لا يكون العمل عملاً بجهالة.
وفيه : أولا ـ انَّ جعل الطريقية ليس إِلاّ لساناً من ألسنة جعل الحكم الظاهري ثبوتاً ـ أي في عالم الاعتبار ـ أو إثباتاً ، وقد بيّنا انَّ الحكم الظاهري كما يمكن جعله بذلك كذلك يمكن جعله بألسنة أخرى كجعل المنجزية والمعذرية أو جعل الحجية وغير ذلك ، وعلى هذا فلا معين في الآية الكريمة على انَّها بصدد جعل الطريقية لا ثبوتاً واعتباراً ولا إثباتاً ، فان عنوان عدم وجوب التبين لا يتعين في انَّ يكون بمعنى انَّه علم وبيان غايته احتمال ذلك منه ومعه لا يمكن إحراز الحكومة فتكون النتيجة إجمال الآية مفهوماً وتعليلاً صدراً وذيلاً لاتصالهما كما هو واضح. نعم لو ادّعي انَّ المفهوم وارد على التعليل ورافع لموضوعه حقيقة لما أمكن التمسّك بعمومه لنفي مفاد مفهوم الآية بل لأي شيء يشك في حجيته لأن احتمال حجية شيء مساوق مع احتمال العلمية فيكون التمسّك به من التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقية وسوف نعود إلى الحديث عن هذه النقطة بعد قليل.
وثانياً ـ انَّه لو سلّم انَّ الحجية مساوقة أو ملازمة مع جعل الطريقية والعلمية مع ذلك لا حكومة للمفهوم على التعليل إذ كما يكون إثبات الحجية معناها جعل العلمية كذلك يكون نفيها نفياً لها في عرض واحد على ما تقدّم بيان ذلك في بحث النهي عن الظنّ.
وثالثاً ـ انَّ الحكومة روحها روح التخصيص ولكن بلسان الحكومة فحالها حال التخصيص المزعوم في الجواب السابق من انَّه معارض مع التعليل الدال على التعميم